أجري الباحثون العديد من الدراسات حول أدمغة البشر والقرود، لاكتشاف الفروق الفردية بين الاثنين، ووجدت تشابها كبيرا بينهما، بل أن هناك بعض الدراسات أثبتت تفوق قردة الشمبانزي على الإنسان في اختبارات الذاكرة.
وفي بحث جديد يسلط الضوء على بعض الأمراض التي تصيب القرود والبشر في نفس الوقت، أكدت دراسة حديثة أن القردة قد تصاب بما يشبه مرض الزهايمر عند التعرض لمعدن الرصاص السام أثناء فترة الطفولة، كما يحدث عند الإنسان تماماً.
وقدم فريق من جامعة رود ايلاند في كينجستون لصغار القردة حليبا يحتوي على كميات بسيطة من الرصاص واستمروا في هذا حتى بلغت القردة سن 23 عاما، على الرغم من أن القردة البالغة لم تبد أي أعراض للزهايمر، إلا ان تحليل الدماغ الذي أجري لهم بعد ذلك بين تأثر هذا الاخير بمادة الرصاص وظهور عدد من العلل التي تشبه تلك الموجودة في أدمغة الاشخاص المصابين بالزهايمر.
وأظهر تحليل مقارن على الحمض النووي الريبي في المخ أن ثلاثة من الجينات الاساسية التي تتأثر بالزهايمر تنشط بنسبة 50 الى 100% عند الصغار الذين تناولوا الحليب بالرصاص عن أولئك الذين لم يتناولوا هذا الحليب.
وكشفت عينات من دم صغار القردة بعد 400 يوم وعلى فترات متتابعة لاحقا كميات رصاص أعلى بقليل من تلك التي تعتبرها مراكز الولايات المتحدة للوقاية من الامراض ومعالجتها، وعند بلوغ القردة العام الثالث دفعت كميات الرصاص العلماء إلى استنتاج أن الضرر يحدث اثناء المرحلة الاولى من الحياة لا خلال مرحلة البلوغ.
التمييز.. من صفات القرود أيضاً
وفي دراسة تكشف الكثير والكثير عن القدرات العجيبة للقرود، أكد علماء أمريكيون أن بإمكان القردة معرفة ما إذا كان المرء بخيلاً أو كريماً من خلال مراقبة تصرفاته أو تعامله مع الآخرين كما يفعل البشر تماماً.
وطلب باحثون من جامعة "جورج واشنطن" من متطوعين الوقوف أمام قردة شامبانزي والتظاهر بالكرم المُفرط مثل تقديم الطعام إلي الغير بسخاء أو الاندفاع لمساعدتهم علي القيام بأعمالهم، ثم طلبوا من متطوعين آخرين التصرف بأنانية وبشيء من الفظاظة مع نظرائهم من أجل معرفة رد فعلها في الحالتين.
وكشفت النتائج أنه عندما سمح للقردة الاختلاط بهؤلاء الناس فإن معظمهم اندفع نحو الأشخاص "الأسخياء" وليس "البخلاء".
وأشار الباحثون إلى أن هذه التجربة أثبتت أن قردة الشامبانزي بما تتمتع بمهارات اجتماعية بإمكانها التوصل إلي "أحكام صحيحة" حول تصرفات الناس وما إذا كانت لديهم الرغبة الحقيقية في مساعدة الآخرين أو لا.
ويعزز هذا البحث نتائج ما أثبته علماء أمريكيون من قبل حول الشمبانزي، مؤكدين أن هذا المخلوق هو أقرب الحيوانات إلى الانسان، وأن هذه الدراسة تقدم المزيد من الدعم للفرضية التي تقول إن الإنسان والشمبانزي من جنس واحد، لأنهما لا يشتركان فقط في الجينات المتشابهة للغاية، ولكنهما يشتركان في أوقات توالد متشابهة أيضاً.
ومن جانبه، أشار سوجين يي عالم الأحياء الذي قاد فريق البحث إلى أن معظم علماء الأحياء يعتقدوا أن الشمبانزي والإنسان كانا يشتركان في سلف واحد قبل حوالي 5 إلى 7 ملايين عام.
وأوضحت الدراسة أن الاختلاف في معدلات الارتقاء بين الإنسان والشمبانزي تجعلنا نعتقد أن صفات الجنس البشري مثل طول العمر، بدأت في الارتقاء منذ مليون عام فقط، وهي فترة قصيرة في تاريخ الارتقاء.
وأفادت الدراسة أنه بمرور الوقت قد تباطأ التطور الفردي للنوع الذي نشأ منه الإنسان، والتطور الفردي يفسر الوقت الذي يمر بين الجيل الواحد والذي يليه، وتباطؤه عند الإنسان أتاح له تطوير مخ كبير، كما أن دورة التطور الفردي عند الإنسان أبطأ بنسبة 3 % فقط عنها عند الشمبانزي، ولكنها 11 % أبطأ من الغوريلا.
القردة تجرى عمليات حسابية
وكشف علماء من جامعة "ديوك" الأمريكية أن أبحاثهم التي ترتكز على تحليل القدرات الدماغية للقردة، أظهرت نتائج مدهشة على صعيد قدرة تلك المخلوقات على إجراء عمليات الحساب الذهنية، والتي أتضح أنها تعادل تقريباً قدرات البشر.
وأوضح العلماء في تقرير لهم أن نتائج اختبار ذهني لجمع الأعداد أظهر تعادلاً في النتائج بين القردة وتلامذة المدارس الثانوية الذين خضعوا للاختبار نفسه.
واعتبر المشرفون على الدراسة أن أهميتها تكمن في إثباتها للمرة الأولى قدرة القردة على إجراء الحسابات الذهنية، علماً بأن العديد من الاختبارات السابقة كانت قد أكدت قدرتها على إجراء الحسابات العملية دون مصاعب.
وقالت إليزابيث برانون وجيسيكا كانتلون، وهما مختصتان بعلم الأعصاب في جامعة "ديوك،"، إن نتائج هذا البحث ستساعد على إضاءة جانب غير معروف من عملية نشوء وارتقاء الأجناس الحية، وقد يثبت أيضا وجود قدرة مشتركة سابقة للنشوء لدى مختلف المخلوقات، تسمح لها بإجراء عمليات الحساب الذهنية دون مشاكل.