إحصائية رسمية: الأرامل سدس عدد نساء العراق
واشنطن ــ مرسي أبوطوق من جريدة الزمان
قالت وزارة التخطيط العراقية امس ان عدد الأرامل في العراق يقدر بمليون وفقاً لدراسة اعدتها الوزارة بهذا الخصوص، فيما لا يوجد مصدر مالي ثابت لإعالة أسر هؤلاء الأرامل في وقت يعيش ثلث الشعب العراقي (27 مليون) في حالة فقر.
وارتفع عدد الأرامل في العراق بسبب الحروب المتلاحقة واعمال العنف الطائفي التي اجتاحت العراق بعد اجتياحه في اذار 2003، وفقا لمصادر عراقية. وتشير دراسة اعدتها وزارة التخطيط الي وجود ارملة واحدة بين كل ست نساء في العراق تتراوح اعمارهن بين 15 وخمسين عاما في العراق بما يشكل أعلي نسبة في ترمل النساء منذ الحرب العالمية الأولي عام 1918. واكدت ام حيدر التي بدت اكبر من عمرها بكثير "منذ مقتل زوجي وانا اكافح لكسب العيش لابنائي"، موضحة انها (مرغمة علي نسيان كل ما حولي وتأمين لقمة العيش لهؤلاء الاطفال). وتابعت ان (لا احد من اقربائي يستطيع مساعدتي واطفالي باستمرار، قدم بعض الطيبين المساعدة ولكنها بالتأكيد لا تدوم وعلي ان اعمل". وطبقا لتقرير اعلن في وقت سابق لمنظمة "ومن فور ومن" الدولية، فإن المرأة العراقية تمر اليوم "بأزمة وطنية).
وتتحدث وفاء فرج (38 عاما) وهي ام لابنتين تبلغان من العمر ثمانية وعشرة اعوام، وتعمل في دائرة حكومة في بلدة خان بني سعد ، بحسرة عن يوم مقتل زوجها. وتقول (كنت في العمل عندما اتصل بي احد زملاء زوجي الذي كان يعمل شرطي مرور، منتصف آب 2006، وقال ان محمد قتل برصاصة قناص اصابته قرب قلبه). واضافت "لم اعرف ما حدث لي، لكنها كانت بداية المأساة التي اعيشها منذ ذلك اليوم". وتعيش وفاء مع ابنتيها في غرفة تضم اثاثا محدوداً جدا في منزل عائلة زوجها في حي تونس (شمال شرق بغداد).
واكدت (اشعر بيأس متواصل فقد تلاشت احلامي وزوجي وانا اكافح لاؤمن العيش لبناتي وسط ظروف يصعب للرجال كسب العيش فيها). واوضحت وفاء انها تكره (الشعارات التي رفعها الامريكيون عند دخولهم العراق، وما يقوله السياسيون اليوم). وقالت ان (كل ما حصدناه دمار وقتل منذ خمسة اعوام).
بدورها، تقول مينا الابنة الكبري لوفاء التي بدت حزينة هزيلة (لا اريد الحرية ولا الديمقراطية ولا اكثر من عودة ابي (...) اتمني عودته اكثر من اي شيء آخر). ومنذ اجتياح العراق وتصاعد اعمال العنف التي اعقبت تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء في شباط 2006، قتل الاف العراقيين معظمهم من الرجال.
وادت اعمال العنف خلال الاشهر الاربعة الاولي من العام الحالي الي مقتل ثلاثة الاف و417 شخصا علي الاقل، وفقا لمصادر رسمية عراقية. وقتل معظمهم خلال اشتباكات مسلحة بين قوات امريكية وعراقية من جهة ومليشيا في العراق. وقتل نحو 88 الف مدني عراقي منذ اجتياح العراق في اذار 2003 حتي نهاية عام 2007، وفقا لموقع "ايراك بودي كاونت" الالكتروني المستقل.
من جانبها، تتولي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية توزيع رواتب شهرية للمحرومين بينهم الارامل.
وتقول سميرة الموسوي مديرة اللجنة المسؤولة عن متابعة شؤون الاطفال والنساء، في البرلمان العراقي ان "عدد الارامل في العراق يقدر بمليون وفقا لدراسة وتقارير رسمية قامت بها وزارة التخطيط". وتضيف ان (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية توزع راتبا قدره 150 الف دينار عراقي (125 دولار)) علي الارامل اللواتي يحصل (خمسون بالمئة منهن علي رواتب). واكدت الموسوي سعي البرلمان العراقي لزيادة النسبة المخصصة للارامل اللواتي يتسلمن الرواتب الي 75 بالمئة". لكن وفاء تؤكد ان "الدولة لا تمنح الارملة الموظفة راتبا اسوة بالارامل الباقيات، لدعمها اقتصاديا"، مؤكدة (لا احصل علي اي راتب من الرعاية الاجتماعية") وافادت دراسة اعدها برنامج الامم المتحدة الانمائي ووزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقية ونشرت نتائجها في عمان منتصف شباط 2007، ان ثلث الشعب العراقي (27 مليون) يعيش في حالة فقر، بينهم 5 بالمئة يعيشون في فقر مدقع.
وكانت نسبة الفقر في العراق حتي كانون الثاني 2006، تبلغ نحو عشرين بالمئة من اجمالي عدد السكان وفقا لمسؤولة في وزارة الرعاية الاجتماعية العراقية.
علي صعيد آخر حذر أكبر المؤتمرات وأشهرها لأطباء علم النفس في الولايات المتحدة الأمريكية من الظلم الدافع علي النساء العراقيات وعوائلهن علي الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني فقد اعلنت الخبيرة في شؤون الارهاب فرحانة علي في شؤون الارهاب خلال المؤتمر السنوي لاطباء علم النفس الامريكيين الاثنين في واشنطن، ان عدد العمليات الانتحارية التي تنفذها نساء في العراق ازداد بقوة في 2008، وان هذا الاتجاه سيستمر بالتصاعد.
وقالت فرحانة علي خلال المؤتمر "بين كانون الثاني و(نيسان) الماضيين، حصل اثنا عشر هجوما انتحاريا نفذتها نساء في العراق. وهذا يشكل ارتفاعا كبيرا"، مشيرة الي اليأس الذي تعاني منه العراقيات المهمشات نتيجة الحرب. واشارت الي وقوع 11 اعتداء انتحاريا من تنفيذ نساء بين 2003 و2007.
وذكرت "طالما ان النزاع مستمر، سترون عدم استقرار اكبر في العراق وسيتم استغلال النساء اكثر، سترون نساء اكثر يخترن تنفيذ عمليات انتحارية خلال الاشهر القادمة".
وكانت فرحانة علي مستشارة لدي الادارة الامريكية قبل ان تنضم الي القطاع الخاص كخبيرة في السياسة الدولية.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية ان "النساء العراقيات، مع استمرار النزاع، بتن مهمشات اكثر فاكثر"، مضيفة "لقد كن في الصف الاول من المجتمع، كن في الحكومة والمنظمات غير الحكومية. وقد حرمن من هذه الامكانات".
وتابعت ان "النساء يستخدمن العمليات الانتحارية للاحتجاج. في العراق، يسجلن احتجاجا علي فقدان رجالهن وفقدان المجتمع وفقدان البلاد".