بقلم مايكل اوهانلون وعمر تاسبينار | 12/02/2008 |
على نحو متزايد، يتدخل أكراد العراق في الجهود الرامية إلى دعم المصالحة السياسية بين الطوائف الرئيسية في بلادهم. وإذا كان مستقبل العراق يتوقف على خلق مثل هذا الجو من التوافق، إلا أن هذا المنحى ينطوي على تداعيات خطيرة بالنسبة للعراق وجيرانه والولايات المتحدة. وهناك موضوعان رئيسيان. أولهما، بدأ الأكراد في تطوير الحقول النفطية الموجودة في أراضيهم مع المستثمرين الأجانب، في غياب أي دور لبغداد، متذرعين بالدستور العراقي. والحال أن بنود الدستور العراقي ذات الصلة (البنود من 109 إلى 112، من بين بنود أخرى) تنص على تطوير آبار النفط المستقبلية من قبل الأقاليم والجهات العراقية بمشاركة الحكومة المركزية. وثانيهما، يريد الأكراد استرداد مدينة كركوك والحقول النفطية المحيطة بها، والتي يُعتقد أنها تتوفر على نحو 15 في المئة من مجموع الاحتياطي العراقي. إذ يقول الأكراد إن العديد من أملاكهم في المدينة صودرت في إطار برامج ''التعريب'' التي كانت قائمة في عهد صدام حسين. واليوم، يريد الأكراد استعادة منازلهم؛ ويريدون بصفة عامة السيطرة السياسية على كركوك ومحيطها، ومن ذلك إمكانية ضم المدينة ونفطها لمنطقة كردستان العراق، والتي يأمل كثير من الأكراد أن تصبح مستقلة في نهاية المطاف. وبسبب هذه الطموحات، كان من الصعب إجراء استفتاء حول مستقبل كركوك؛ وكان المفترض إجراء استفتاء في الموضوع نهاية عام 2007. بيد أن الأكراد يرتكبون خطأ فادحاً. ولذلك عليهم أن يعيدوا النظر في مقاربتهم من باب الإنصاف للولايات المتحدة التي منحتهم فرصة المساعدة على بناء العراق في مرحلة ما بعد صدام حسين، ولمصلحة الأكراد أنفسهم وجيرانهم. وعليه فلا بد أن يكون لبغداد دور في تطوير حقول النفط المستقبلية واقتسام العائدات، ولا بد أن تبقى كركوك حيث هي الآن ضمن النظام السياسي العراقي، أو أن يكون لها وضع خاص ربما، والأكيد أنه لا ينبغي ضمها إلى كردستان بالقوة. بيد أن الأكراد يعتقدون، على ما يبدو، أنه في حال انهار العراق، فإنهم سيكونون بخير. ووفق هذه الفكرة، فإنه حتى في حال تفككت البلاد، فإن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب أصدقائها الأكراد، وستقيم قواعد عسكرية في كردستان العراق، وتمهد الطريق في نهاية المطاف لاستقلالهم. واللافت أن بعض الأميركيين المرموقين يدعمون هذا الحلم بين الحين والآخر، وهو ما يقوي اقتناع الأكراد بإمكانية تحققه. والحال أننا نشكك في إمكانية حدوث هذا الأمر. فكردستان منطقة جبلية من الشرق الأوسط لا منفذ لها على البحر. جيرانها هم تركيا وسوريا والعراق وإيران؛ اثنان منهم يناصبان الولايات المتحدة العداء، وجميعهم لهم مشاكل مع أكراد العراق؛ ولا أحد منهم سيسمح بطلعات جوية عسكرية أميركية في مجاله الجوي من النوع الذي سيتطلبه دعم قواعد أميركية في كردستان في حال تفكك العراق. وعلاوة على ذلك، فإنهم لن يسمحوا لأكراد العراق بالضرورة بتصدير النفط عبر أراضيهم وموانئهم. لكن لماذا تنشئ الولايات المتحدة قواعد لها في كردستان أصلا؟ ففي حال خاضت هذه الأخيرة حرباً مع إيران، فإن بلداناً أخرى مختلفة لديها موقع أفضل بكثير من كردستان بمحاذاة الطرق البحرية والمجال الجوي الدولي. صحيح أن هذه الدول قد لا تكون موالية للولايات المتحدة قدر موالاة أكراد العراق لها، إلا أنه في حال ازداد التهديد الذي تطرحه إيران، فالأرجح أن بعضها سيعمد في النهاية إلى التحالف مع الولايات المتحدة. والأكيد أن العديد من الأميركيين معجبون بالأكراد الديمقراطيين والمزدهرين. كما أن الأميركيين يشعرون بدين معنوي تجاه الأكراد بعد أن سمحوا لصدام بقمعهم مرات كثيرة في الماضي. غير أن ذلك الدين سُدد جزئياً بعد أن وفروا الحماية للأكراد منذ عام 1991، وأنفقوا مئات مليارات الدولارات، وضحوا بآلاف الأرواح الأميركية في العراق خلال السنوات الخمس الماضية. وعليه، فإذا لم يساعد الأكراد الولايات المتحدة اليوم على إرساء الاستقرار في العراق، فيجوز طرح السؤال: هل هناك حقاً شعور بوجود هدف مشترك، ومصالح مشتركة، بين الشعبين؟ الواقع أنه حري بالأكراد أن يختاروا الواقعية بدلاً من السعي لتحقيق أجندتهم في كركوك وحلم الاستقلال. وهذا يعني الاعتراف بأنهم سيكونون وحيدين في حال انهار العراق. ويعني أيضاً إدراك حقيقة أن تركيا، بأكرادها الذين يبلغ عددهم 15 مليون نسمة، قلقة ومتوترة بسبب أحلام الاستقلال الكردي. كما على أكراد العراق أن يعلموا أيضاً أن حرباً تركية كردية ليست قدراً محتوماً. إذ من شأن تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري تركي كردي؛ بدءاً بعمليات مشتركة ضد منظمة ''حزب العمال الكردستاني'' في ظل قيادة متبصرة في أنقرة وأربيل، أن يفضي إلى صداقة حقيقية. فتركيا في نهاية المطاف هي الأكثر ديمقراطية وعلمانية وموالاة للغرب من بين جيران العراق، وهي أمور تشترك فيها مع كردستان العراق. والواقع أن لدى أكراد العراق مستقبلا زاهرا في متناول أيديهم تقريباً، غير أنهم يواجهون اختياراً حاسماً: فهم يستطيعون بلوغ ذاك المستقبل عبر التوصل إلى توافقات مع مواطنيهم العراقيين وتشكيل شراكة مع تركيا وتعزيز علاقاتهم مع الولايات المتحدة. أو يمكنهم مواصلة أجندتهم الخاصة بهم على نحو يؤدي في نهاية المطاف إلى تفتيت بلدهم وزعزعة استقرار المنطقة برمتها. * عضو في مؤسسة بروكينجزالاميركية ** أستاذ بكلية ''ناشيونال وور كوليدج'' |
أكراد العراق.. حان وقت الأحلام الواقعية
Amer Yacoub- Admin
- عدد الرسائل : 1690
العمر : 59
العمل/الترفيه : مدير الموقع
الدولة : المانيا
تاريخ التسجيل : 15/08/2007
- مساهمة رقم 1