موسم الأحد الثاني من تقديس البيعة
الفكرة الطقسية:
إن المسيح باقٍ في الكنيسة وحاضر فيها، رغم كل التيارات التي تحاول أن تبعدها عن رسالتها الحقيقية. فعلينا اليوم كمسيحيين أن نؤمن ونثق برسالة المسيح الخلاصية، التي نتعلمها في الكنيسة، ونسعى جاهدين لتحقيقها في واقع حياتنا مهما كانت الظروف.
موعظة الأحد الثاني من تقديس البيعة
النص: (متى1:12- السبت
النص: (متى1:12- السبت
مرة أُخرى يبحث الفريسيون عن حجة لاتهام يسوع، إنهم وصلوا إلى درجة ستخدم الدين والشريعة من أجل إدانة الآخرين، في حين أن الشريعة وضعت لتكون الحياة للناس. لقد كان لقسوة قلوب الفريسيين انعكاسات خطيرة على كل تصرفاتهم، لقد حولوا معنى الشريعة وأخضعوها لأنفسهم وهذا ما نسميه (انزلاق المعاني)، أي أن تعطي معنى مخالف للكلمات الإلهية، وهذا أكبر خطر يقع فيه الإنسان، من دون أن يدري أحيانًا.
إن مسألة حفظ يوم السبت ليست بهذا المعنى الحرفي، علينا أن نبحث عن الروح التي تحملها الشريعة، عن المعنى الصحيح ليوم الرّب. لقد جُعل السبت ذكرى للخلق، وللحرية التي نالها شعب إسرائيل بمبادرة من الله. إنه يوم خلاص الإنسان وليس يوم زيادة الأثقال عليه، إنه في حقيقة الأمر يوم احتجاج على عبودية العمل وعبادة المال.
التلاميذ لم يقطفوا السنابل من أجل الربح، بل لأنهم جاعوا، ولكن الفريسيين أوَلوا هذا التصرف بحسب نظرتهم، فكل ما موجود في الحياة يتوقف على طريقة نظرتك إليه. إنجيل اليوم يدعونا لأن نمتلك بعدًا أخر، ونظرة جديدة إلى الشريعة، إنها نظرة العطف والرحمة (أريد رحمة لا ذبيحة)، وهذا لن يتحقق فينا ما لم نتخلى عن تمسكنا الأعمى بالتقاليد، وأن لا نجعل من الوسائل غايات.
إن الفريسية لا تزال إلى اليوم موجودة فينا في كل مرة نُدين الآخرين، من دون أن نفهم لماذا فعلوا ما لا يحل أن يُفعل، ووصولنا إلى مثل هذا الفهم لن يتحقق ما لم نمتلك قلبًا محبًا. لذا نحن مدعوين لنمنح للآخرين فرصة للتعبير ولتبرير تصرفاتهم، بكلمة أُخرى أن لا نجعل من سبتنا (يوم اللقاء بالرب) فرصة لمراقبة تصرفات الغير، وننسى الهدف الأسمى من هذا اليوم المبارك.
فيوم الرب هو ليس قيدًا نربط به الآخرين، بل هو إعطاء الحرية للآخر، ليعيش ويفهم حقيقة الإيمان، ليس بالمراقبة بل بالاهتمام والمتابعة، بالكلمة التي تبني وتشجع وتقوّم. إن يوم الرب هو علاقة أكثر مما هو فترة زمنية، بل هو زمن وجد من أجل العلاقة، علاقة مع الله والقريب على طريق الحياة. ونستطيع أن نقول أنه ليس يوم الرّب فحسب، بل هو يوم الإنسان أيضًا.
لنتذكر دومًا أن أعمال المحبة ليس لها يوم خاص لكي تُعمل، بل علينا أن نجعل من كل أيامنا (يوم رب)، جديد نقدم من خلاله للآخرين صورة الآب الحقيقة. وهذا يتطلب منا أن تكون نوايانا صادقة وصافية في كل عمل نقوم به، بغض النظر عن قدسية اليوم، فاليوم المقدس هو اليوم الذي نسلك به بحسب الضمير الحي في بناء الإنسان.
فالإنسان ليس فقط مجموعة من الشرائع والعادات تتمشى في أزقة الحياة، بل هو حياة تنمو، تؤثر وتتأثر، حياة تبحث عن كمالها من خلال معرفة الله، هذا ما كان يردده دائمًا القديس أوغسطين. فلنهتم بالإنسان لأنه قد يكون أحيانًا بحاجة إلى كلمة، ابتسامة، نظرة، منا يجد من خلالها الله. فطوبى لنا إن ساهمنا في بناء الإنسان.
الطلبات
لنصلي إلى الرب بثقة قائلين: يا رب ارحمنا
· يا رب، لقد دعوتنا لنتشبه بك وبرحمتك، من أجل أن لا نتسرع في حكمنا على الآخرين وندينهم، بل أن نتفهمهم بقلب كبير ومحبة صافية. نطلب منك...
· يا رب، من أجل أن نفهم ذواتنا على حقيقتها، وأن نقبل الآخرين من حولنا كما هم، ساعدنا على تصحيح مواقفنا وفقًا للإنجيل مهما كان مكلفًا. نطلب منك...
· يا رب، من أجل أن نتحرر من قيود الشريعة الفريسية، ونفهم روح تعاليمك ووصاياك بقلب ممتلئ من الحب، فتغدو حياتنا عنوانًا للإيمان الصحيح. نطلب منك...
· يا رب، من أجل سلامنا الداخلي، لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الكنيسة، قوي يا رب كنيستنا لتنقل بأمانة بشرى الإنجيل للناس أجمع. نطلب منك...
الأب أفرام كليانا