كانت مراقبته لاحتضار النهار كل يوم في ساعات الغروب تُشعل في قلبه حنيناً مبهماً، ورغبة في إيقاف عجلة الزمن لئلا يدخل في دوامة تناقضات ليله الباطني، الذي كان يستفيق من غفوته النهارية ليقض مضجعه ليلاً.
ولم يكن يعلم أن صراع المتناقضات هي أصلح تربة لنمو الحقيقة في خضم تقلبات فصول حياته.
انه نيقوديمس، هاوي الدردشات الليلية. سار يوماً حاملاً سراجه يشق دروباً مظلمة ليلتقي نور العالم، ذاك المدعو يسوع، رغبة منه بالاستئناس بضيائه حيناً، ولم يكن يعلم أن عشاق الحقيقة، فراشات روحية، تهيم بالنور إلى درجة بذل الذات...
لم يعرف كيف يبدأ الكلام، فباغت يسوعُ ذهوله بمجموعة من الألغاز:
ولادة جديدة...
ماء وروح...
وريح تهب حيث تشاء...
ونيقوديمس لا يفهم، تتسع عيناه و يرتفع حاجباه ويذهل!...
ولأن قلبه أرض خصبة بالإيمان، لم يسخر، بل بسط جهله باتضاع أمام نور العالم يسوع، فاستفسر قائلاً: "كيف يولد الإنسان وهو كبير السن؟ أيقدر أن يدخل بطن أمه ثانية؟" (يو3: 4)
ويسوع، المعلم بامتياز، لا يتراجع أمام محدودية تلميذه عن أهداف تعليمه فمضمون درسه المسائي لنيقوديمس هو: مواليد برج الروح".
لا تتعجب يا نيقوديمس فمواليد الجسد أبراجهم معروفة، ولا جديد في علم المنجمين ولو صدقوا!
وأضاف يسوع "يجب عليكم أن تولدوا من علُ. فالريح تهب حيث تشاء، فتسمع صوتها، ولكنك لا تدري من أين تأتي و إلى أين تذهب، تلك حالة كل مولود للروح" (يو4: 7- 8).
لا تهرب من ألم قلبك، فحنينك إلى النور و الحق ألم مخاض لنفسك لتولد من علُ... لتصبح من مواليد برج الروح... إنها حقاً أجمل الولادات وأقدسها! مختلفة هي عن كل الأبراج وتفوق تكهنات المنجمين!...
عرّض نفسك للفحات الروح، ولا تخف من لسعات معمودية نارها.
ولا تضطربن إن فقدت يوماً بوصلتك في الطريق ، فتاه عنك إحساس الزمان والمكان، في تلك الساعة أصغِ وحاول فقط تتبع رياح الروح.
أما مواليد برج الروح فهذه أهم صفاتهم:
- يعملون بمشيئة الله و يعشقون النور.
- لا شيء يستطيع تقييدهم.
- يحسنون دائماً التقاط موجة الله من بين أمواج و ترددات العالم.
- يحفظون الكلمة و يعملون بها بأمانة.
- يتمتعون بحضور الله الدائم في حياتهم لأنهم "يعملون دائماً أبداً ما يرضيه".
في تلك الليلة عاد نيقوديمس إلى بيته، بيده سراجه،
وبقلبه شعلة إيمان،
وفي أرجاء روحه ريح تهب حيث تشاء،
وقلب يحتفل بولادة جديدة،
وذاكرة تردد ما فهمت اليوم من معانٍ و كلمات: "حتى الظلمة ليست ظلمة عندك، والليل كالنهار يضيء" (مز 138)
في تلك الليلة، وضع نيقوديمس رأسه على وسادته فنام دون عناء.
وعند آخر الليل، سمعه القمر يهذي بهذه الكلمات:
ذبذبات...
اضبط الموجة
انه هنا!
خفقات
نبضات قلب
إيقاع جديد،
فريد،
كصاحب العيد...
رعشة كيان
صوّر
سجّل
انقش على صفحات الروح
دوّن...
احتفظ بأثر البصمات.
ومض ثم اختفاء...
ادخل مخدعك
أحضر علبة الأدوات
حلّل الشيفرات
سيتألق بأفق آخر
بعد حين
وستفهم المزيد!
منقول
ولم يكن يعلم أن صراع المتناقضات هي أصلح تربة لنمو الحقيقة في خضم تقلبات فصول حياته.
انه نيقوديمس، هاوي الدردشات الليلية. سار يوماً حاملاً سراجه يشق دروباً مظلمة ليلتقي نور العالم، ذاك المدعو يسوع، رغبة منه بالاستئناس بضيائه حيناً، ولم يكن يعلم أن عشاق الحقيقة، فراشات روحية، تهيم بالنور إلى درجة بذل الذات...
لم يعرف كيف يبدأ الكلام، فباغت يسوعُ ذهوله بمجموعة من الألغاز:
ولادة جديدة...
ماء وروح...
وريح تهب حيث تشاء...
ونيقوديمس لا يفهم، تتسع عيناه و يرتفع حاجباه ويذهل!...
ولأن قلبه أرض خصبة بالإيمان، لم يسخر، بل بسط جهله باتضاع أمام نور العالم يسوع، فاستفسر قائلاً: "كيف يولد الإنسان وهو كبير السن؟ أيقدر أن يدخل بطن أمه ثانية؟" (يو3: 4)
ويسوع، المعلم بامتياز، لا يتراجع أمام محدودية تلميذه عن أهداف تعليمه فمضمون درسه المسائي لنيقوديمس هو: مواليد برج الروح".
لا تتعجب يا نيقوديمس فمواليد الجسد أبراجهم معروفة، ولا جديد في علم المنجمين ولو صدقوا!
وأضاف يسوع "يجب عليكم أن تولدوا من علُ. فالريح تهب حيث تشاء، فتسمع صوتها، ولكنك لا تدري من أين تأتي و إلى أين تذهب، تلك حالة كل مولود للروح" (يو4: 7- 8).
لا تهرب من ألم قلبك، فحنينك إلى النور و الحق ألم مخاض لنفسك لتولد من علُ... لتصبح من مواليد برج الروح... إنها حقاً أجمل الولادات وأقدسها! مختلفة هي عن كل الأبراج وتفوق تكهنات المنجمين!...
عرّض نفسك للفحات الروح، ولا تخف من لسعات معمودية نارها.
ولا تضطربن إن فقدت يوماً بوصلتك في الطريق ، فتاه عنك إحساس الزمان والمكان، في تلك الساعة أصغِ وحاول فقط تتبع رياح الروح.
أما مواليد برج الروح فهذه أهم صفاتهم:
- يعملون بمشيئة الله و يعشقون النور.
- لا شيء يستطيع تقييدهم.
- يحسنون دائماً التقاط موجة الله من بين أمواج و ترددات العالم.
- يحفظون الكلمة و يعملون بها بأمانة.
- يتمتعون بحضور الله الدائم في حياتهم لأنهم "يعملون دائماً أبداً ما يرضيه".
في تلك الليلة عاد نيقوديمس إلى بيته، بيده سراجه،
وبقلبه شعلة إيمان،
وفي أرجاء روحه ريح تهب حيث تشاء،
وقلب يحتفل بولادة جديدة،
وذاكرة تردد ما فهمت اليوم من معانٍ و كلمات: "حتى الظلمة ليست ظلمة عندك، والليل كالنهار يضيء" (مز 138)
في تلك الليلة، وضع نيقوديمس رأسه على وسادته فنام دون عناء.
وعند آخر الليل، سمعه القمر يهذي بهذه الكلمات:
ذبذبات...
اضبط الموجة
انه هنا!
خفقات
نبضات قلب
إيقاع جديد،
فريد،
كصاحب العيد...
رعشة كيان
صوّر
سجّل
انقش على صفحات الروح
دوّن...
احتفظ بأثر البصمات.
ومض ثم اختفاء...
ادخل مخدعك
أحضر علبة الأدوات
حلّل الشيفرات
سيتألق بأفق آخر
بعد حين
وستفهم المزيد!
منقول