تغيير في استراتيجية واشنطن يقضي بإبقاء أغلب قواتها في بغداد وسحبها من المحافظات
كشفت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقرير لها نقلا عن مسؤولين أميركيين في
بغداد وواشنطن عن حصول تغيير في الاستراتيجية العسكرية الأميركية يتمثل في
إبقاء أغلب قواتها في بغداد، في الوقت الذي ستبدأ فيه بسحب جنودها من
المحافظات في العام القادم، ابتداء بالأنبار.
وقالت الصحيفة إن هذا التغير في الخطط يعكس مساعي المؤسسة العسكرية
الأميركية لمواجهة التحدي الكبير الذي سيواجهها لعام 2008، ألا وهو تخفيض
عدد القوات في العراق من دون المخاطرة بفقدان الأمن.
ونقل تقرير الصحيفة عن كبار القادة العسكريين الأميركيين في العراق
والولايات المتحدة إن قرار إعادة نشر القوات يعود لمخاوف تراودهم من خطر
اندلاع أعمال عنف على نطاق واسع في بغداد في حال لم تنتشر تلك القوات بشكل
مكثف فيها، على الرغم من التحسن الذي طرأ مؤخرا على الوضع الأمني.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة إعادة الانتشار قد تدخل حيز التنفيذ عبر سحب
أعداد كبيرة من القوات الأميركية في غضون الأشهر الثمانية المقبلة، وبذلك
يتراجع عدد الجنود الأميركيين في العراق من 170 ألفا، إلى ما كان عليه قبل
يونيو/حزيران الماضي، أي 135 ألف جندي.
إلا أن الصحيفة حذرت من أن استراتيجية إعادة انتشار القوات الأميركية قد
لا تخلو من عدد من المخاطر، حيث أنه من المتوقع أن تؤدي إلى تغيير في
موازين القوى السياسية عبر حصول المسؤولين المحليين على سلطات أوسع في
تسيير إدارة شؤون المحافظات على حساب الحكومة المركزية في بغداد.
وأكدت الصحيفة أن محافظة الأنبار ستشهد أولى عمليات انسحاب القوات
الأميركية في العراق، مشيرة في هذا الصدد إلى مخاوف مسؤولين عراقيين من أن
تؤدي الاستراتيجية العسكرية الأميركية الجديدة إلى تقليص سلطتهم، حيث أعرب
عدد من أعضاء كتلة الائتلاف الموحد عن قلقهم من تسليم المهام الأمنية في
المحافظات إلى قوات الشرطة في مناطق كالأنبار، حيث أن معظم الضباط هم من
العرب السنة.
إلا أن الرجل الثاني في القوات الأميركية في العراق الجنرال ريموند
أوديرنو يعتقد بأن كفاءة القادة الأمنيين والسياسيين في المحافظات ستضع
مزيدا من الضغوط على الحكومة بغية الخروج "بحكومة مركزية أفضل".
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تعرف
بـTactical Overwatch ، أو المتابعة التكتيكية، ستحل محل الاستراتيجية
الحالية المتبعة في مكافحة التمرد في العراق، بحيث ستكون القوات العراقية
في موقع القيادة والتنفيذ بمعظم العمليات، في حين ستستدعى القوات
الأميركية فقط في حالات الطوارئ.
ويشدد المسؤولون العسكريون الأميركيون على أن التركيز على بغداد لا يعني
الفشل أمنيا فيها، حيث انخفضت أعمال العنف بشكل ملحوظ فيما يتم إعادة
الخدمات إلى البغداديين.
غير أن جنرالات الجيش الأميركي يشيرون إلى أن العاصمة ما زال يخيم عليها
التوتر الطائفي، قائلين إن الدولة توفر جلّ الخدمات الأساسية للمناطق
الشيعية على حساب تلك السنية، كما أن الخليط الطائفي والعرقي في العاصمة
يجعل المصالحة الوطنية فيها أمرا صعبا للغاية.
وتختم صحيفة لوس أنجلوس تايمز تقريرها بقول الجنرال فينسينت بروكس قائد
المقرات العسكرية في العاصمة العراقية: "إن بغداد ستكون آخر المدن التي
سينسحب منها الأميركيون، لأنها العاصمة، ولأنها الأكثر تعقيدا".