د. رغد ضياء عبد الجليل الشيباني | 04/05/2008 |
أدتْ زيادة الأعتماد على المركبات النفطية وزيادة حاجة الأنسان اليها الى قيام المنشآت النفطية الضخمة التي تستخرج النفط الخام وتنقله وتوزعه بين أرجاء مختلفة من العالم، ونتيجة لسوء النقل والاستهلاك الذي يصيب أنابيب النفط، فقد أدت الى تلوث مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. ولعل الحادثة الأشهر في العالم هو التلوث النفطي الذي حدث في مدينة نيوجيرسي عام 1975 عندما تسرب (1.9) لتر من الكيروسين والذي أدى الى تلوث (1.5) هكتار من الأراضي المزروعة بالحنطة خلال مدة (15) دقيقة. وفي العراق فقد أدت الأحداث السياسية أبان حرب الخليج الأخيرة 2003، إلى حدوث الكثير من الأضرار في الأنابيب نتيجة العمليات الأرهابية التي أنتهكت حرمات الأرض، لاسيما حقول النفط الشمالية في كركوك وبيجي، والتي شهدت عمليات تخريب مستمرة لأنابيها، مما أدى إلى تلوث الأراضي وتحولها إلى أراض قاحلة غير قابلة للزراعة مسببة مخاطر كبيرة على البيئة. ومن الممكن ازالتها بتعريضها للهواء مدة طويلة جداً، وهي واحدة من الطرق البطيئة في القليل من التلوث، أو بأستخدام الوسائل الميكانيكية والفيزيائية (كالصهر والتتثبيت أو تعريض التربة للحرارة) أو الوسائل الكيميائية (كغسل التربة بمحاليل الأذابة والمنظفات) أو الحرق أحياناً. وهذه الطرق تعد مكلفة مادياً حيث تكلف بحدود 220-1500 دولار للطن الواحد إضافة إلى انها قد تلوث التربة بمركبات ومحاليل التنظيف وتقضي على المحتوى الميكروبي في التربة، مما يحدث خلل في التوازن الأحيائي في التربة. مما حدا بعلماء البيئة إلى الأهتمام بتحسين وأستصلاح الأراضي الملوثة وأستخدام النباتات لهذا الغرض بتقنية تعرف بازالة التلوث النفطي بواسطة النباتات. وهذه الطريقة غير مكلفة مادياً حيث تكلف (10) دولارات فقط للطن الواحد، كما أنها أكثر فاعلية في التلوث السطحي للتربة، بالإضافة إلى أهميتها من الناحية الجمالية للبيئة. ومن النباتات المستخدمة لهذا الغرض الجت والشعير والذرة والماش والبرسيم واللوبيا، في تلك الترب والتي تقلل من مستوى التلوث النفطي بعكس بعض النباتات التي تكون حساسة للزراعة في الترب النفطية مثل الشوفان والريحان، علماً ان هنالك دراسات عراقية رائدة في هذا المجال، منها تلك التي انجزها عام 2006 الباحث داوود سلمان.وتقوم النباتات المتحملة للملوثات النفطية، بمعالجة المركبات النفطية والملوثات المختلفة الموجودة في التربة بعدة آليات ومنها: تحويل الملوثات بفعل الجذور: حيث تقوم جذور بعض النباتات بامتصاص المواد العضوية النفطية وتفكيكها ونقلها إلى باقي أجزاء جسم النبات، ومن ثم تخزن بصورة مواد اقل سمية في خلاياها.. ويمكن أن تستخدم هذه المواد بعد مدة معينة في التفاعلات الايضية للنبات. كجذور بعض الأشجار مثل الصفصاف ونبات حور العين والحشائش، وبعض البقوليات مثل الفول والبرسيم والجت واللوبيا، التي تقوم بازالة المركبات النفطية الأروماتية والمركبات الألفاتية الكلورانية TCE وملوثات العتاد الحربي TNT وبعض مواد البتروكيمياويات، ومخلفات الأسمدة والمبيدات والتي يمكن أن توجد في مرسبات المستنقعات أيضاً”. تبخير الملوثات بفعل النبات: لبعض أنواع اللهانة القدرة على أمتصاص المركبات الطيارة الموجودة ضمن الملوثات النفطية للتربة من قبل جذورها ثم تخرج هذه المركبات عن طريق الثغور إلى الغلاف الجوي مثل مركب naphthalene الطيار. كما أن لبعض أنواع القرع القدرة على أمتصاص بعض المركبات العضوية التي يصعب أمتصاصها من قبل النباتات لكونها نباتات نافرة للماء. “التكسير: تشجع جذور بعض النباتات من خلال افرازاتها الجذرية (كالسكريات والأنزيمات والأحماض النووية) على تنشيط ونمو تجمعات ميكروبية حول الجذور وهي تعمل على تكسير الملوثات النفطية إلى نواتج مختلفة أقل سمية. مثل مرور الفينولات من جذور التوت الأحمر إلى التربة والتي تساعد على توفير بيئة مناسبة لتحليل الملوثات الأروماتية ومركبات النفط الخام والمبيدات الوبائية بواسطة بكتريا السودوموناس بولتيدا وبكتريا الكوراينبكتريا والألكاينجينا وتحويلها إلى كحول، ثاني أوكسيد الكربون، ماء ومركبات أخرى أقل تعقيد وأقل خطر على البيئة. والحال ذاتها يمكن أن نجدها في افرازات اشجار البرتقال والتفاح وبعض الحشائش ذات الجذور الليفية. وان الزيادة في اعداد الأحياء المجهرية تؤدي الى زيادة تكسير وتنظيف الملوثات النفطية من الترب النباتية. التقليل من أنتشار الملوثات بفعل النبات: تعمل جذور بعض النباتات على التقليل من انتشار الملوثات من خلال جذبها للملوثات حول الجذور كنتيجة لأمتصاصها للماء بكميات كبيرة. وبذلك يكون عملها كمضخة عضوية لجذب الملوثات اليها وعزلها عن باقي التربة غير ملوثة. ومن ناحية أخرى تقوم الجذور بأفراز عدد من الانزيمات إلى التربة والتي ترتبط مع الملوثات لتكوين مركبات معقدة اقل سمية مكونة مايعرف بالدبال. كما هو الحال مع الملوثات النفطية وبعض مخلفات اليورانيوم غير المخصب وبعض المعادن السامة كالرصاص، الكادميوم، الزنك والزرنيخ، التي تقوم الأشجار ذات النتح العالي أو الأشجار ذات الجذور الليفية، بتثبيتها فِي التربة. |
بحوث عراقية رائدة تستدعي التطبيق
اديب لويس ججو قاشا- عضو مميز جدا
- عدد الرسائل : 4120
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 17/03/2008
- مساهمة رقم 1