العرب يعرب غيره ولا يستعجم
اقتبست عنوان المقال من زلة لسان تفوه بها نائب الرئيس العراقي الدكتور عادل عبد المهدي ( العرب يعرب غيره ولا يستعجم ) في موتمر القمة العربي الاخير المنعقد في دمشق حيث خاطب اثناء القائه كلمته امين الجامعة العربية عمرو موسى
إنتشرت في العراق صفات العلو والتمييز لدى مجموعات عربية - اسلامية معينة تتدعى أن لها حق التفرد والريادة في قيادة الأخرين والإستئثار بحقهم الطبيعي والأدهى والأمر أنها في الاونة الاخيرة تقوم بهجمات منظمة ضد المجموعات الإثنية الأخرى التى لا تمت إليها بصلة لولا المواطنة فالهجمات التى تدور رحاها في العراق لأصدق بيان على ذلك فنجد أن المجموعة المستهدفة هي مجموعة المسحين ( الكلدان والسريان والاشورين) واليزيدية والصابئة المسالمة حيث يواجه هذه المجموعات أبشع أنواع الاستبداد القسري التى شهدها التاريخ فيتم تهديدهم بالقتل والخطف وتهجيرهم من مناطق سكناهم بصورة منظمة من قبل بعض المجموعات العربية - الاسلامية فقد أتخذوا من الارهاب قيم دافعة لهم إلى التحدي وتوظيف القوة لخدمة أهلها وعلى حساب غيرها من الحضارات والثقافات
بل هي تؤمن بالتمييز والأفضلية وعلى أسس عرقية في المقام الأول تم من خلالها تحديد موقفها الثقافي من الحضارت الأخرى فوصفت نفسها بصفات التفوق والتميز والقوة والهيمنة والإعتقاد في الأفضلية العرقية والتميز وبالتالي حق السيطرة والهيمنة على الإثنيات والمجموعات الأخرى فنجد أن الهجمة المعلنة الآن هي هجمة على الثقافات والإثنيات الغير العربية - الاسلامية لإن الاعتقاد السائد هي القضاء على الشعوب الاصيلة وذلك للهيمنة على الحضارات الأخرى والانتصار في ازالتها ولا بد من عزل هذه المجموعات وتجريدها عن أصولها وعقائدها ثم الانقضاض عليها وإخضاعاها في حالة عدم التمكن من إنهاء وجودها والقضاء على التنوع الثقافي وكل هذا لا يتم إلا من خلال الإيمان بالاضطهاد وحتميته لا بإلتقائها
ويمكن أن نقول أن الاتصال بين الشعوب ليس بالضروة أن يولد الانفصال فالاتصال السليم القائم على أسس الاعتراف بالاخر وعدم الرغبة في الهيمنة واحترام الهوية والذات لا يمكن أن سببا في توليد الاضطهاد وهناك مجتمعات كثيرة تقوم على أساس التعددية العرقية والدينية والثقافية وتمكنت من خلال الدستور والديموقراطية أن تزيل أسباب التوتر الناجمة عن أختلاف الثقافات والأديان والأعراق لقد تمكنت الدولة العربية - الإسلامية قديما من تحقيق هذا التوازن وعاش اليهود والمسيحيون والصابئة وغيرهم في ظل الدولة العربية - الإسلامية ينعمون بالتسامح على كل مستوياته ويحققون هويتهم الدينية والثقافية
و يمكن القول بشكل نسبي أن بعض المجتمات الحديثة تمكنت من تحقيق هذا التعايش بفضل القوانين المنظمة لعلاقات الأفراد وبتأثير الديموقراطية كنظام للحكم الذي يقوم على مبدأ العدل والمساواة وما أبعدنا من هذه القيمة فنجد أن هذه العقلية الإستعلائية التى أقامت علاقاتها مع الاخرين على أساس من مبادئ القوة والهيمنة والعنصرية والتى لا ترى فائدة من الالتقاء الحضاري أو التفاعل مع الحضارات لأنها ذهنية عنصرية وضعت عوربتها في كفة وكل الثقافات في كفة أخرى ورجحت الكفة الأولى ولا يمكن أن يتم ذلك في ظل بلد يتميز بتعدد الحضارات والثفافات والتى تأخذ بمنحى الحفاظ على ثقافات الأخرين لأن التباين الثقافي يمكن أن يكون قوة ضاربة ضد الهيمنة ولكن لأن العقلية التى تسيطر على دفة البلاد هي الخالقة للمشكلة لأنها تحض على العزلة وعدم التعاون
ان الاعتراف بالاخر بقيمه وعاداته وثقافته يمكن أن يبقي تأثيرها فالقيم الحضارية هي التى تدعم هذا البعد الحضاري لأنها عامل تقريب بين الشعوب فنجد أن الحضارات كلها تتفق حول حقوق الإنسان وتشتمل على مبادئ خاصة بهذه الحقوق وذلك قبل أن يتم التوصل إلى إعلان حقوق الإنسان وغير ذلك من الصور القانونية التى وضعتها المنظمات الدولية لحماية حقوق الإنسان ومنع ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية فالقيمة الحضارية أقدم بلا شك من القانون الذي وضع كنص تشريعى ضد الجرائم الإنسانية
وديع زورا