أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

أهلا وسهلا بكم

اهلا وسهلا بكم في منتديات أرادن وكل صبنا 

    ندوة الكتاب المقدس/ ابراهيم رجل الايمان

    مركريت قلب يسوع
    مركريت قلب يسوع
    VIP
    VIP


    انثى عدد الرسائل : 710
    العمر : 75
    تاريخ التسجيل : 20/02/2008

    ندوة الكتاب المقدس/ ابراهيم رجل الايمان Empty ندوة الكتاب المقدس/ ابراهيم رجل الايمان

    مُساهمة من طرف مركريت قلب يسوع السبت سبتمبر 18, 2010 10:37 pm

    ندوة الكتاب المُقدس
    اللقاء السابع: الخميس 16 أيلول 2010
    المطران بشار متي وردة

    إبراهيم رجلُ الإيمان
    سألوا حكيماً: لماذا قال الكتاب عن نوح أنه سارَ مع الله (تك 6: 9)، في حين أن الربَّ قال لإبراهيمَ: "سرّ أمامي" (17: 1).
    فأجابَ: هذا مشهدٌ يصورُ ملكاً له ولدان؛ الأول راشدٌ والثاني صغير، فقال الملك للصغير سرّ معي، وللراشدِ سرّ أمامي.
    إبراهيم رجل الإيمان، الإيمان بوعدِ الله، والذي أظهرهِ بطاعتهِ عبر مواقف بيّنت إستعداده لتركِ كلِّ شيء من أجل تحقيق وعدِ الربِّ: تركَ الأرض والعشيرة وبيت الآب، ختنَ أبناء بيته، وأخيراً قدّمَّ إسحق إبنه، والتي كانت اصعبَ إمتحان أختبره إبراهيم، وأظهرَ كم أن الإيمان بالله مُكلفٌ وقضيّةٌ جدّيةٌ، الله الذي يختبر والذي يُدبّر في نفسِ الوقت. وهنا تكمن صعوبة الإيمان: أن نبقى أوفياء لله الذي يطلّب المُستحيل، والذي يعدُ بالمُستحيل. أن نقول "نعم" للأمرِ المُستحيل وللوعد المُستحيل. فالله ليس منتوجَ فكرِ الإنسان ونفسيّته المُتقلّبة، بل هو ربٌّ مُتطلّبٌ يسألنا إذا ما كُنّا مُستعدين للسير معه. هو الذي يُعطي ويأخذ. هو الذي يعدُ ويمتحِن. فهل نحن مُستعدون للقاءه والسير معه؟ هل نحن مُستعدون للقاءه على الصليب وفي الجليل؟
    ولكن لمّا إمتحان الله؟ وما معنى أن الله إمتحَنَ إبراهيم؟ ما معنى أن الله يمتحننا؟
    علينا أن نؤكّد منذ البدء على أن الإمتحان موجّهٌ نحو معرفة ما إذا كان الإنسان مُستعداً لأن يثقَّ بالله وحده دون سواه، فلطالما مالَ قلبُ الإنسان نحو آلهةٍ أخرى في محاولةٍ منه ليوفّقَ ما بين تعبّده لإلهِ إبراهيم وإسحق ويعقوب، وما بين آلهةِ الشعوب المجاورة التي لم تكن مُتطلّبة مثل الله. وكثيراً ما كانت طقوسُ هذه الديانات تُخاطِبُ غرائز الإنسان وشهواته. فالإختبار يأتي ليكشِف لنا ما إذا كُنّا نؤمنُ حقاً بما نُعلنه! إذا كُنّا نؤمن بالبشارة. وإبراهيم يُرينا بعد أختباراتٍ عديدة أنه علينا الإعتماد كلّياً على وعدِ الله: "لا كما أنا اُريدُ، بل كما أنت تُريدُ" (مر 14: 36).
    لذا، عندما يُعلن إبراهيم: أن الله سيُدبّر ... فهو يُعلن إيمانه المُطلق بأن الله هو سيّد التاريخ كلّه. وهو يُؤكد في ذات الوقت أن الله الذي يمتحن هو نفسه الله الذي سيُدبّر، ويدبّر بسخاء لا حدَّ له. فحياةُ إبراهيم هي ما بين "إمتحان الله" الذي ينتظرُ منه طاعةُ مُطلقة، وما بين الأمانة المُنعِمَة لله. حياةٌ ما بين الوصية (الأمر) وما بين الوعد. دعوة إبراهيم هي أن يعيش في حضرة الله الذي يرى عن قُربٍ وعن بُعدٍ (إر 23: 23)؛ الله الذي يعدُ ويختبِر، الله الذي له القُدرة على إحياة كل ما هو ميتٌّ، فينا إن تعلّمنا الإصغاء له، الطاعة لكلمته. قصةٌ إبراهيم تحملُ رجاءً لأناس ماتت فيهم الحياة وهم أحياء، لأناس في الأسرِ يتشوقون للماضي الذي مات، وليس هناك من أملٍ في العودة.
    خاتمة قصص إبراهيم (تك 23: 1- 25)
    وصلنا معاً إلى خاتمة قصص إبراهيم والتي بدأت من إيمان بالوعد (12: 1 حتى المُخاطرة بالنسل (22: 1- 14)، ليقبلَ إبنه إسحق كهبّة مُطلقة من الله، إسحق هو لله، والله يُقدمُ إسحق لإبراهيمَ. وآن الآوان ليتمَّ نقلُ الوعد إلى الجيل التالي والتي يتضمّن قصة وفاة الأم (23: 1- 20)، وأختيار زوجةٍ لإسحق إبن الوعد (24: 1- 67) وموت إبراهيم (25: 1-18). قصصٌ إنتقالية تُنهي أحداثاً وتفتحُ الطريق لأحداث إنسانية مشوّقةٍ.
    وفاة سارة ودفنها (23: 1- 20)
    التقليد الكهنوتي (23: 1- 20)
    ماتت سارة عن عمرٍ ناهز 127 سنة في حبرون في أرضِ كنعانَ، فحزِنَ إبراهيم لموتها فندبها وبكاها، وسعى إلى تأمينِ قبرٍ لسارة، فخاطبَ بني حِثٍّ، حول شراء مغارة لدفنِ سارة عبر مفاوضات قانونية راقيةٍ في الأسلوب والتهذيب، أعطتنا صورة عن شكل المفاوضات وأسلوبها وشعائرها والتي كانت تجري عادة عند أبواب المدينة. بدأ إبراهيم الكلام وعرضَ حاجته أمام شيوخ المدينة، وطلبَ إمكانية تقديم الأرضِ لدفن عزيزه، ويأتيه الجوابُ الأول: الأرض كلّها أمامَك، وتبدأ مفاوضاتٌ ومساومات شرقية الطابع 100% (23: 10- 20).
    تواصلَ الحوار بين إبراهيم والشيوخ والذين أعترفوا بدورهم أن "الله جعلهُ رفيعَ المقامِ" (6) على الرغمِ أنهم لا يعرفون ما أعدّه الله لإبراهيم وما وعده به، لكنّهم سمعوا عن مكانتهِ. هم لم يرفضوا طلبه ولكنّهم حاولوا تجنّبهُ. وفهمَ إبراهيم أن الأمر مُتعلّقٌ بشراء الأرض، فيعرضَ إمكانية شراء الأرض، وتُقدم له هدية أول الأمر، لينتهي بشراءها بثمنٍ غالٍ جداً.
    نلحظ أن إبراهيم كان يحاول تثبيت وعدِّ الله بأنه سيملُك الأرض عبر مواقف رمزية: بناء مذبح (12: 7)، نصب شجرة (21: 33)، حفر بئرٍ ماءٍ ليعيشَ هو وأهل بيته ومواشيه، والآن خطى خطوة هامّة بإتجاه إستملاكِ الأرض عن طريق شراءها. لم يقم هذه المرّة بالإستيلاء على الحقل والمغارة مثلما فعل في بئر سبع، حيث حفرَ له بئراً مُتجاهلاً ابيمالك (21: 25- 26)، على العكس يُريد إستحصال موافقة الحثيين قبل أن يبدأ مراسيم الدفنة، فيكون موت سارة فرصة لتثبيت مُلكيتهُ للأرض، وبالتالي يختبرَ عملياً "إمتلاكَ الأرض" عبر إمتلاك حصّة فيها.
    إشترى إبراهيمَ القبرَ لسارة، قبرٌ يحكي قصة إنسانٍ عاش على هذه الأرض، حيث منحه الله الراحة الأبدية من أعدائه الذين يُحيطونَ به. ناهيكَ عن أن موقع َالمغارة، كونها في الحقلِ، تُشير إلى أن الأرض تحمل شجراً وماءً، وبالتالي لها القُدرة على أن تُؤَمِنَ الحياة لسكانها، وستكون سارة، أم إبن الوعدِ العاقر ساكنةٌ بآمان في أرضٍ خصبةٍ، لتكون أول مَن يدخل أرضَ راحةِ الله.
    ولكن لنا ان نُشير إلى أن إبراهيم، وعلى الرغم من كل ما اختبره يبقى يرى نفسه: "غريبٌ نزيل" (23: 4)، فيما يراه الحثيون "رفيعَ المقام بفضل نعمة الله" (23: 6)، هذا الوعي لهويّته يُعطي للقصة حيويةً وقوّة: "إبراهيم الحاج أمام وجه الله، إبراهيم رجلَ الرجاء". غريبٌ نزيلٌ يبحثُ عن أرضٍ سينالها بوعدِ الله، وهكذا تبدو قصة وفاة الأم فرصة لإعلان إيماني هام: "أنا، إبراهيم، أؤمنُ بوعدِ الله الذي أخرجني من بيت أبي".


    زواج إسحق (24: 1- 67)
    بعد أن قام إبراهيم بدفنِ سارة، شعرَ بقُربِ ساعته هو أيضاً، فدعى كبير الخدمِ وكلّفه بمهمّة من شأنها تنظيم شؤون العائلة ومُستقبلها وفقَ ما يتمنّاه هو. طلبَ إبراهيم منه بأن يُقسِم أولاً أن يعمل كلَّ ما يرغبهُ. إبراهيم لا يستطيع قيادة مُستقبلَ العائلة، لذا وضعَ كلَّ شيءٍ تحت رعاية الله وإلى قَسمِ إنساني أمين، فيُعلّم إبراهيم خادمه "أن الله لن يتراجعَ عمّا وعدَ به، وعلى الإنسان ألاَّ يتراجعَ بل يواصل واثقاً بوعدِ الله. وهكذا يبدأ كبير الخدم رحلة البحث عن زوجةٍ لإسحق.
    تختلف قصة زواج إسحق في أسلوبها عن قصة وفاة الأم، إذ ليس هناك ترابطٌ بينهما، سوى الأية الأخيرة: "وأحبّها إسحق وتعزى بها عن فقدان أُمّه" (24: 67). مُشكلة القصة كما ذكرنا هي: إيجاد زوجة ملائمة لإسحق من أجل تأمين مُستقبلِ الوعدِ. ولم ينسَ إبراهيم أن يضعَ الأمرَ كلّه تحت رعاية الله، ويُطمئِنََ كبير خدمه على أن الله سيُدبّر رحلتهُ مثلما دبّرها لإبراهيم أيضاً: "الربُ إلهُ السماء الذي أخذني من بيتِ أبي ومن مسقط رأسي، والذي كلّمني وأقسمَّ لي قالَ: "لنسلِكَ أُعطي هذه الأرضَ، هو يُرسلُ ملاكهُ أمامكَ فتأخذ زوجةً لآبني من هناكَ" (7).
    في القصة أربعةُ مشاهد:
    1. إبراهيم وكبير الخدم (1- 9)
    2. كبير الخدم ورفقة (11- 27)
    3. كبير الخدم وعائلة رفقة (28- 61)
    4. إسحق ورفقة (62- 67)
    تُبرِز هذه المشاهد أمانة الربِّ مع مَن يسأله بإيمانٍ هو المُدبّر، هو الذي يرى مُسبقاً فيعمل مع مختارهِ من أجل إتمامِ إراته. فعلى الرغم من أن إبراهيم طَالبَ بالقَسم الذي يلتزم به كبير خدمه، إلا أن إتكاله لم يكن على قسمٍ إنساني، بل على أمانة الله معه، هذه الأمانة التي حفظته هي التي تُعطي للقسم الإنساني معناه. ومثلما وضعَ إبراهيم مُستقبلَ عائلته تحت رعاية تدبير الله، هوذا الخادم يفعل مثل سيّده، فيجعل الرحلةَ بكل تفاصيلها تحت رعاية الله وتدبيره، ليكون كبير الخدم نُقطة التحوّل ما بين الجيلين، حتى أنه يتحوّل من خدمة سيدّه إبراهيم، لخدمة سيّده الجديد إسحق: "وسألت الخادمَ: "مَن هذا الماشي في البرية للقائنا؟" فأجابها: "هو سيدي" (65).
    في القصةِ أحاديثٌ ولقاءات ونقاشات ومفاوضات مُركّزة على قصة الأب إبراهيم وكيف أن الله ترأفَّ به وأحسنَ إليه، لتجعل القصة تواصلاً لمسيرة العائلة؛ إبراهيم الذي صارَ غنياً وذا أملاك بفضل بركةِ الله، وهي ذاتُ البركة ستحلُ على رفقة وتجعلها "أُماً لألوفٍ مؤلفةٍ، وسيرثُ نسلها مُدنَ أعدائهم" (60).
    يلتقي كبير الخدم رفقة عند البئر، وهو المكان المثالي الذي يجتمع حوله النساء، وفرصة للقاء شريكة الحياة (يعقوب وراحيل لاحقاً). وتجري الأحداث مثلما صلّى لها كبير الخدم، وتأتي الإستجابة سريعة ومؤثرّة من رفقة التي تدعوه إلى ضيافة بيت أبيها، فتوقِظ هذه الأحداث صلاة في الرجل: "تبارَكَ الربُّ إلهُ سيدي إبراهيم فهو لم يمنع رأفتهُ وإحسانه عن سيّدي، فهداني في طريقي إلى بيت أخيهِ" (26- 27). نجاح المهمّة لن يُصيبَ كبير الخدم مغروراً، بل يبقَ منفتحاً على الله.
    من جانب آخر يظهر لابان، أخي رفقة على مسرح الأحداث، ويرى خُزامة الذهب في أنفِ أخته والسوارين، فيُدرِك أنه ضيفه من من العيار الثقيل ولا يُمكن أن يفلت من يده، فيدعوه هو الآخر ليُستَضافَ، ولكن كبير الخدم يرفض الدعوة ما لم يُستجابَ لطلبهِ. وما هو طلبهُ؟
    قصَّ عليهم كبير الخدم كل الحكاية من جديد ليُوصلهم إلى قتاعةٍ من أن ما يحصل له هو أمرٌ مَقضيٌّ من عند الله، فيدعونهم ليُعملوا إبراهيمَ مثلما عامله الله، فيُسهموا في العهد الذي عقده الله مع إبراهيم. وبعدما سمعوا للقصة، لم يكن أمامهم سوى القبول بما يُريده الله: "من عند الربِّ صدرَ الأمرُ، فلا نقدر أن نقولَ فيه شرّاً أو خيراً" (50). فيسألوا رفقة عن قرارها، فتترك هي الأخرى على مثالِ إبراهيمَ بيت أبيها وعشريتها وأرضها، وتذهب إلى أرضٍ غريبة حيثُ يُريد الله. فتحمل رفقة، وهي تُمثلُ الجيل الثاني، ميزة من ميزات دعوة إبراهيم: التركَ والتخلي.
    قبل أن نتركَ بيت بتوئيل علينا أن نُشير إلى نجاح الخادم في مهمّته نظراً لإستعداد الخدمة الذي تحلة به والذي ظهرَ من خلال:
    1. إصغاءٌ منتبهٌ لسيّده.
    2. إلتزامه الرسالة بكلَّ جدّية، فالرسالة أهمُ من راحته الشخصية.
    3. لا يُبطأ في إتمامها مهما كانت المُغريات.
    خاتمة قصة إبراهيم (25: 1- 18)
    يُغادر إبراهيم الحياة ويحمل معه ذكريات إنسانية إمتزجت فيها مشاعر ومواقف عديدة، ومع أن قصته حملت لنا خبرات من حياة أشخاصٍ أُخر مثل لوط وهاجر وأبيملك والخادم، وهو موقفُ إحترام لحياتهم، إلا أنه من الواضح أن حياة كلِّ إنسان هي أوسع وأشمل من أن تُجمَع في روايةٍ واحدة.
    يختم الراوي قصّة إبراهيم وقد تركَ إبراهيم بصمةً خاصةً في حياة عشائر الأرض آنذاك، فتوسعت حلقة العائلة لتحتضنَ عشائر مجاورة لإسرائيل: "أبناء قطّورة"، تعايشوا معاً في سلامٍ، أو سُفكت الدماء بسبب الحروب الغزوات المُتبادلة. مات إبراهيم وفي موته جمعَ الفرقاء، ودُفنَ في مغارة المكفيلة، حيث دُفنَت سارة، ليُؤكّد الراوي أن سارة كانت "الشعبَ"، الشعبَ الذي كان على إبراهيم أن يكون قريباً إليهِ، أباً له. واضحٌ جداً أن إبراهيم عاشَ سنين طويلة ونَعِمَ بحياة صالحة وإنتقلَ بسلامٍ مُحاطاً بأبنائه وعشائرهم. مات والرجاء كّله من حوله، لأنه آمن بالرجاء وهو حيٌّ. وفي ذلك عبرة رائعة: نحن نموت مثلما نعيش، إما جماعيين أو منعزلين: "فما من أحدٍ منّا يَحيا لنفسه، وما من أحدٍ منّا يموتُ لنفسه. فإذا حيينا فللربِّ نحيا، وإذا مُتنا فللربِ نموتُ، وسواء حيينا أم مُتنا، فللربَّ نحن". (روم 14: 7-Cool.
    فمع أن إسحق الأبن قَبِلَ كلَّ البركة، كونهُ مُختاراً، إلا أن هذا لا يعني أن الآخرين هم خارجَ حلقة البركة، هم أيضاً تحت رعاية الله، لأن الله سخيٌّ في العطاء، ونعمته السخيّة تحتضنُ الجميع. القصة تجمع الإبنين معاً مع أنها تتوجّه في خاتمتها نحو إسحق، فلا يُمكن تجاهل قصّة الآخر في قصّة حياتنا، ففي بيت الآب منازلَ كثيرة (يو 14: 1-2)، لذا، هناك دوماً فسحة لقصّة إسماعيل في قصة إبراهيم الآب.
    البُشرى السارة التي لنا في القصة هي أن للجميع مكانٌ للعيش على الأرض، والأهم من ذلك، أن لهم مكانةً خاصّة في قلبِ الله، على الرغم من محاولاتهم لقيادة الأحداث مثلما يرغبون هم، فمهما حاولوا، يبقىَ الله سيّدُ التاريخ.
    إبراهيم المؤمن الحاج
    قدم لنا الكتاب المقدس ابراهيم لنا عبر عدة مشاهدَ عن مسيرة نضوج داخلي لإنسان حملت حياته جوانبَ مُظلمة كان لزما أن تنكشِفَ أمام نور الله؛ وشهدنا مع كلِّ كشفٍ تطوراً مستمراً داخلياً على الرغم من كل التهديدات التي واجهت مستقبله. تعلّم إبراهيمَ من خلال الصح والخطأ"، وإنكشفت صورة الله لديه مع تقدّم الزمن، إلى أن تحرر الله من أفكارِ إبراهيم، ووقفَ حُرّاً أمامه، فأفكارٌ إبراهيم مثل أفكارنا، كثيراً ما تسعى لإستعبادِ الله وتحجيمه ليكون وفقَ ما نُريد نحن، لا مثلما هو حقاً. تصوّر إبراهيم يوماً أن الله يفرح بقتلِ الإبن، كونه إلهٌ قاسٍ، ونسيَّ أن هذا الاله كان وفياً معه دوماً، رؤوفاً ولا يرضى بمثل هذه المجزرة. ففهم أن الله لم يرد تقديم ابنه الجسدي: اسحق، بل كان يريد أكثر، الابن الروحي: القلب. بمعنى آخر، يُريد الله علاقةً نزيهة خالية من مصالحَ نفعية.
    من جانب آخر بيّن إبراهيم هويّته الأبوية: هو الأب العظيم الذي أخذ على عاتقه مسؤولية العائلة، من رعاية وتعليم وقضاء وتعبّد وتوجيهٍ روحي وحتى الدفاع عنها عندما يواجهها خطرٌ مُهلِك.
    إبراهيم إنموذجٌ إيماني مُتميّز حَملَ في داخلهِ حياة حاجٍ لا يعرف التعب والسكون. ترحلاّته كشفت عن رجلٍ يعشقُ التغيير وجديد الأرض والناس، وهذا ما يجعلهُ يُغيّر الخبرات السلبية إلى فرصة لإختبارِ المُختلِف، عارفاً أن في داخله الكثير من التساؤولات التي تحتاج إلى إجاباتٍ، وهذه الإجابات لن تُقدّمَ على طبقٍ جاهز؛ عليك أن تبحثَ عن أجوبةٍ لها.
    هذا ممكن إن حملَ الإنسان فضيلةً إنسانية عُظمى: التواضع. التواضع يجعل الإنسان يترك خلفهُ الكثير مما يعتقدهُ آخرون: ضرورياً وأساسياً. التواضع يجعل الإنسان مرناً مُستعداً للجديد، على الرغم من أنه يحمل خبراتٍ إنسانية كبيرة. التواضع يجعل الرجاء ممكناً، الرجاء الذي يتطلّب الشجاعة، الشجاعة التي تجعل مواصلةِ المسيرة ممكنة، والمغامرة بالإنجازاتِ المُحقَقَة من أجل إكتشاف الحقيقة التي ستأتي حتماً.
    قصةٌ مثل قصة إبراهيم يُمكن أن تُعطي المنفيين ما هم بحاجةٍ لإليه: بداية جديدة، بداية لا تنظر غلى الوراء، مثل إمرأة لوط، بل إلى الأمام، مُتكالين على آمانة الربِّ مع الآباء. أمانة غير مشروطة بسلوكيات الشعبِ وموافقهم، كعهدِ موسى (الهيكل)، ولا بإنتماء إلى سلالة ملوكية، نسلِ داود (المملكة). بل يحملوا علامة هذا العهد، لأن العهد صارَ لهم هبةً ونعمة.

    سان أن لا يقلق، ولا يستسلم للخوف لئلا يُعقدَّ الأمور أكثر مما هي عليه. فهل هذا ممكن؟ سنرى مع ساراي وهاجر وإسماعيل.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:07 pm