الإيمان نور ينير بصيرة الإنسان أولاً ثم يُهدي قلبه إلى سُبل الحق.. ولإنعاش وديمومة هذا الإيمان طرق شتى مثل الصلاة ، وقراءة الكتاب المقدس، والعيش حسب مقتضاه.
فكم يجب أن يكون المؤمن ملمّا بأمور دينية وله ثقافة عامة ، متبحراً في مجال اللآهوت والتعليم المسيحي . سابقاً كان يُعتقد خطأ أن دراسة اللآهوت مقتصر على رجال الدين والإكليروس فقط ، أما اليوم فأقول إنه من الضروري على كل مسيحي مؤمن أن يكون متعلماً ومثقفاً في ما يخص الإيمان واللآهوت والكتاب المقدس، لكي يعرف أنْ يميز في حياته المسيحية ومسيرته الإيمانية ما هو خير فيفعله وما هو شر فيتجنبه، ويكون نوراً ينير درب من حوله .
ومما يؤسَف له أننا نلمس اليوم في عموم شعبنا ضحالة في الثقافة والعلوم الدينية المسيحية والكتاب المقدس، وبالطبع أينما تفشّى الجهل فهناك تكثر الممارسات الخاطئة والإعتقادات التي تشوِّه الإيمان وتحيد صاحبه عن طريق الحق.
هناك عادات دخيلة لا أساس لها في الإيمان، دخلت حياتنا المسيحية أضرَّت المؤمنين أكثر مما أفادتهم.
سنتطرق إلى بعض هذه العادات والمارسات لنتجنَّبها .
ومن جهة أخرى كم بيت إحترق من جراء إشعال الشموع في البيوت وتركها دون رقابة. وكم أسمع هنا وهناك : "يا فلان هل ممكن أن تشعل لي شمعة في الكنيسة؟ وكأن الشمعة سحر لنَيل الطلبات أو هي التي ستصلِّي وتتطلَّب من أجلنا ،أحكي لكم طرفة في هذا المجال:
"قيل إنَّ راهباً زارعائلة صديقة محرومة من الأطفال قبل سفره إلى روما للدراسة. فطلبوا منه أن يشعل لهم شمعة في كنيسة القديس بطرس عسى ولعلَّ يرزقهم الله بطفل. فوعدهم بذلك وبعد عشرات السنين من الدراسة عاد الراهب وزار العائلة ووجد الزوجة في البيت مع عشرات الأطفال فقال لها:" مَن هؤلاء؟" قالت الزوجة :"هم أولادنا" " وأين أبوهم " قالت": ذهب يُطفئ تلك الشمعة التي أشعلتها لنا عند ذهابك إلى روما "!!!
2- جاءتني أخرى وبيدها "صفطة" من الورق مطبوعاً عليها صلاة، لتقول لي :" يا أبانا أنا لا أعرف أن أكتب ، وفي نهاية هذه الصلاة مكتوب " متى أوصلتَ هذه الصلاة بيدك عليك أن تكتبها إحدى عشرة مرة وترسلها لأحد عشر شخصاً، وإذا لم تفعل ذلك فيا ويلك ستُصاب ببليٍّة كبيرة تحل عليك " فماذا أعمل؟
وكذلك في مجال الكومبيوتر هناك مراسلات وإميلات بين الأصدقاء تقول: "ارسلها إلى 11 شخصاً وإلا ستنال مصيبة كبرى وإذا أرسلتها ستكون سعيداً! لو جاءت السعادة بهذه الطريقة فما أسهلها.
نشر الصلاة شيء حسن وجميل أما لصق الصلاة بالتهديد فهذا ليس أمرا مسيحياً ويشوِّه الإيمان . إن الله و قديسينا لايقتلون أحداً، إلهنا إله محبة ورحمة .
3- جاءتني يوما إمراة وقالت لي :" يا أبانا أُريد أن اكنس الكنيسة وأنظفها". سألتُها: "لماذا؟" قالت لأن شعر رأسي يتساقط فنذرتُ أن أكنس كنيسة ما بإسم مريم العذراء لكي يتوقف سقوطه"! ما هذه النذور التافهة التي لا صلة لها بالإيمان؟ أنذر أن أكون مسيحياً مؤمناً، نعم! أنذر أن لا أتخلَّف عن كنيستي كلّ أحد نعم! أنذر أن أصلِّي كل يوم نعم! أنذرأن أقرأ الإنجيل كل يوم - ألف نعم!
4- ننصح العائلة أن تجعل بيتها كنيسة صغيرة ويعني ذلك أن تجتمع من وقت لآخر للصلاة والتأمُّل وقراءة الإنجيل؛ وهنا ننصح أن يكون في البيت ركن مخصص للصلاة متكوِّن من طاولة صغيرة عليها صليب او صورة ليسوع أو لمريم العذراء، يتعلَّم أفراد العائلة قبل الذهاب إلى العمل أو المدرسة التوجُّه إلى هذا المكان للصلاة وتسليم الذات ورسم علامة الصليب بإيمان. ولكن من هذا المنطلق هناك من بالَغ في الأمر وجعل بيته معرضاً لتماثيل كل القديسين وصورهم بألوان وأحجام مختلفة لا للصلاة بل للتباهي والظهور بالتقوى ويقول المثل "الزائد أخو للناقص"
5- ننصح المؤمن أن يصلِّي صلاة الوردية وأن يكون له مسبحة لتساعده على تلك الصلاة. أما أن يسعى المؤمن لجمع المسابح بكل الألوان والأثمان والمعادن الثمينة كهواية للتفاخر والتباهي، فهذا بعيد عن الإيمان، ونتمنى عليه أن يتبنّى عائلة فقيرة ويساعدها، فذلك أفضل من تلك الهواية .
6- تقبيل صور القديسين دلالة إحترام ومحبة ولكن الإكثار من التقبيل ولكل الصور والتماثيل الموجودة في الكنيسة، فهذا مبالغ فيه ومبتذَل .
7- هنا أتوجه إلى كل الأخويات التقوية وأقول لهم :" الأخوية إنتماء الى مجموعة تحاول أن تلتزم أكثر وتعِ مسيحيَّتها بطريقة أفضل وعيش كل متطلبات الإيمان والإلتزام به بحريَّة. ولكن أنْ تحسب الأخوية ترديد صلوات عديدة فقط دون فهمها فهذه ليست اخوية . وعلى راعي الرعية أن لا يترك الأخوية وحدها بل أن يرشدها ويكون مع أعضائها ليعلِّمهم ويغرس فيهم روح الله ليكونوا متواضعين محبيّن بعضهم لبعض ويصبحوا سنداً للكاهن وعوناً له في نشر الكلمة .
8- عادة تلبيس ولصق الصور والتماثيل تيجان حُمر وصفر ومن ذهب وفضَّة: لست أدري هل بهذه الأمور نُرضي أولياءنا وقديسينا؟ وهل هم بحاجة إلى ذهبنا وتيجاننا وصُلباننا الذهبية عندما نعلقها حول أعناق تماثيلنا وصورنا؟ كل هذه المظاهر تُلهي المؤمنين وتخدِّرهم وتُبعدهم من لبِّ الأمور وروحها، إن الله يريد قلبنا لا ذهبنا؛ يريد أعمالنا الصالحة لا تيجاننا.
9- التعازي والكلام يطول هنا لأنها لم تبقَ تعزية بل مصيبة وألم وتحوَّلت إلى ولائِم لا واحدة بل عدة عزائم لليوم الأول والثاني والثالث والسابع؛ في الأردن يوجد التاسع ثم الأربعين والعيد الأول والسنة ولثلاث وجبات في اليوم مع موائد عامرة من كل أصناف المأكولات حتى أصبحت ثقلا كبيراعلى كاهل صاحب التعزية ليس هذا فقط بل نصف هذه المأكولات ترمى في اكياس النفايات. والذين يأتون ليعزُّوا مَن منهم يصلّي حقيقة من أجل المرحوم، ومن منهم يتلفظ بكلمة تعزية لذوي المصاب. وأقول ماذا يستفيد المتوفى من هذا التجمع؟ أليس المطلوب والأفضل هو الصلاة من أجل المتوفى وفي اليوم الثالث ينتهي كل شيء، لأن المسيح قام يوم الثالث هذا إيماننا. أما عن لبس الأسود الذي يدوم سنة وسنتين وأحيانا العمر كله فحدِّث ولا حرج. أتساءل هل الحزن في الملبس واللون ، وأصلا لا يجب أن يدوم حزننا إذا كنا مؤمنين حقيقين نترجَّى الحياة البدية.. إن الذي يدوم حزنه يعني لا إيمان له بالقيامة. وما يُصرَف للتعازي: أما كان الأفضل أن تذهب لعائلة فقيرة في العراق اولمشروع خيري أو كنسي أو لطبع كتاب روحي؟