الجيران - كازاخستان - تهب الرياح على أربع سفن راسية صدئة تعود الى حقبة الاتحاد السوفيتي المنهار حيث كانت أمواج بحر أرال ذات يوم تتكسر على شواطيء بلدة نابضة بالحياة تعتمد على الصيد.
ولا يمكن رؤية نقطة مياه حول ميناء أرالسك وهي شهادة صامتة على عقود من التجارب السوفيتية مع الطبيعة التي حولت بحر أرال الذي كان ذات يوم رابع أكبر بحيرة في العالم الى صحراء تكسوها قشرة من الملح.
وحفرت أحرف كلمة "ابوكاليبس" او "سفر الرؤية"على هيكل سفينة وحيد. وتطوف الابقار بحثا عن بقايا حشائش جافة عند قاع البحر الذي بات مكشوفا حيث كانت السفن ذات يوم ترسو لتفريغ حمولاتها من الركاب والبضائع.
وقال امانضول ضولماجانبيت وهو رجل في السبعينات من عمره من السكان المحليين "كل هذا كان مياه" مشيرا الى أرصفة ميناء أرالسك المتهدمة والرافعات غير المستخدمة التي ترتفع فوق الميناء. ومضى يقول " بكينا حين اختفى البحر. بكيت لانني نشأت هنا."
وتقلص بحر أرال بنسبة 70 في المئة منذ عام 1960 حين بدأ مخططون سوفييت يسحبون المياه من الانهار التي تغذيه لضخها لمشاريع زراعية بعيدة مما جلب البؤس والجوع على مجتمعات الصيد التقليدية.
وانخفض مستوى سطح البحر فيه بمقدار 16 مترا كما تحمل العواصف الملح والاتربة من صحاريه الجديدة الى أماكن بعيدة جدا تصل الى حد جبال الهيمالايا.
وانقسم البحر أخيرا الى جزئين أساسيين من المياه عام 1990 وهما جزء جنوبي كبير في أوزبكستان وجيب أصغر في قازاخستان.
ويتذكر ضولماجانبيت قائلا "لاحظت في البداية أن البحر بدأ يختفي عام 1967" ومضى يقول "ثم ذات يوم هجرت المياه الميناء... ابناؤنا لا يصدقون أنه كانت هناك مياه هنا في يوم من الايام."
غير أن ثمة بارقة أمل.
فقد ساعد مشروع استمر لمدة سبعة أعوام بقيادة البنك الدولي في ملء الجزء الشمالي الاصغر من بحر ارال بالمياه مرة أخرى من خلال احتجاز المياه وراء سد وهو الامر الذي بث شعورا جديدا بالتفاؤل والتصميم في نفوس السكان المحليين.
وعلق ملصق في وسط ارالسك التي تلالات حبات الملح في شوارعها الطينية كتب عليه "أخبار سعيدة... البحر عائد." وأطلقت أسراب من طيور النورس أصواتا عالية فيما حلقت فوق المنازل وبدا أثر ضئيل للبحر في الاجواء.
وسد كوك ارال البالغ طوله 13 كيلومترا جزء من مشروع أوسع نطاقا تكلفته 86 مليون دولار من المقرر الانتهاء منه هذا العام. ومنذ بنائه عام 2005 زحفت مياه البحر الفيروزية الى مقربة 25 كيلومترا من ميناء ارالسك وهي أقل عن المسافة السابقة التي بلغت 100 كيلومتر.
وقال اقشابات باتيموفا الذي يساعد في انشاء مصنع جديد لتصنيع الاسماك "بعد أن بدأ البحر الصغير يمتليء بدأ الامل يحدونا مجددا... اذا كان هناك بحر فستكون هناك حياة."
ويبحث البنك الدولي اقامة مشروع للمتابعة مع حكومة قازاخستان بتكلفة تقدر بنحو 300 مليون دولار لتحسين فاعلية المياه واستعادة واجهة ارالسك المائية.
ويفتتح مصنعان لتصنيع الاسماك في ارالسك هذا العام كما أن أسطول الصيد الذي تلاشى في التسعينيات يوظف الان 600 شخص. وعلى الرغم من أن الصيد المحلي لا يمثل الا جزءا مما شهدته الحقبة السوفيتية السابقة فانه يتم اصطياد 16 نوعا من الاسماك من بينها أنواع جديدة مثل السمك المفلطح المقاوم للملح بشكل منتظم.
ويقول كيرت كريستنسين وهو دنمركي معني بالدفاع عن البيئة ساعد في استعادة المصايد المحلية منذ أوائل التسعينيات "حين أنظر الى الوراء اليوم لا توجد سوى كلمة واحد تصف بحق كل التغيرات التي حدثت في المنطقة. انها معجزة."
لكن استعادة بحر ارال بكامله سيتطلب جهدا اكبر بكثير.
فالجزء الاكبر منه الواقع في اوزبكستان ما زال يحتضر. وسيكون على اوزبكستان اكبر دولة في وسط اسيا من حيث عدد السكان والتي تعتمد على صادرات القطن اغلاق صناعة المنسوجات المتعطشة للمياه بكاملها حتى تسمح لنهر امو داريا بمعاودة التدفق الى البحر.
وصرح روبرت زوليك رئيس البنك الدولي لرويترز خلال زيارة الى كوك ارال في 19 يونيو حزيران للاشراف على المرحلة الاولى من المشروع على الجانب القازاخي " أخشى أن معظمه قد يفقد."
وبالنسبة لرئيس قازاخستان نور سلطان نزارباييف الذي يتولى رئاسة البلاد منذ عام 1989 فان استعادة أرزاق الناس تعني ضمان الاستقرار في منطقة القازاخ التي طالما استاء سكانها من مواطنيهم الذين يتمتعون بدرجة اكبر من الرخاء في أكبر دولة منتجة للنفط في اسيا الوسطى.
وتتناقض قرى منطقة بحر أرال التي تفتقر الى المياه بشدة بصحاريها المالحة مع مناطق أخرى من البلاد من بينها ناطحات السحاب ومراكز التسوق والمقاهي في العاصمة استانة.
وقال زوليك "الرئيس نزارباييف كانت لديه الرؤية ليدرك أن هذه ليست كارثة بيئية فحسب بل لها جانب مدمر لمنطقة قازاخستان بأسرها."
لكن بعض السكان يشكون من أن الحكومة لا تعير اهتماما كافيا للمشاكل الاجتماعية الاوسع نطاقا في المنطقة حيث يعيش ربع سكانها على الاقل في فقر ويقل متوسط عمر الفرد هناك عن متوسط عمر الفرد من مواطني قازاخستان الاكثر ثراء.
ويمزح اخرون مزاحا مشوبا بالحزن قائلين إن المياه التي تستخدم في المؤتمرات الدولية التي تعقد بشأن بحر ارال تزيد عن كمية المياه اللازمة لاستعادة البحر الذي يظل جزءا مهما من حياة الناس.
وما زالت الاساطير تنتقل من جيل الى جيل ومن بينها أسطورة عن حضارة مفقودة كانت موجودة ذات يوم على البحر الوعر.
وقال نور ضامال موزاموراتوفا وهو موظف بمتحف "في العصور القديمة كان الناس يزرعون الكروم والجوز هنا. كانت هناك حضارة قبل أن نأتي نحن القازاخ الى هنا بزمن طويل... البحر يأتي ويذهب على مدار التاريخ. سيعود ذات يوم. نأمل أن يعود."
</TD></TR>
ولا يمكن رؤية نقطة مياه حول ميناء أرالسك وهي شهادة صامتة على عقود من التجارب السوفيتية مع الطبيعة التي حولت بحر أرال الذي كان ذات يوم رابع أكبر بحيرة في العالم الى صحراء تكسوها قشرة من الملح.
وحفرت أحرف كلمة "ابوكاليبس" او "سفر الرؤية"على هيكل سفينة وحيد. وتطوف الابقار بحثا عن بقايا حشائش جافة عند قاع البحر الذي بات مكشوفا حيث كانت السفن ذات يوم ترسو لتفريغ حمولاتها من الركاب والبضائع.
وقال امانضول ضولماجانبيت وهو رجل في السبعينات من عمره من السكان المحليين "كل هذا كان مياه" مشيرا الى أرصفة ميناء أرالسك المتهدمة والرافعات غير المستخدمة التي ترتفع فوق الميناء. ومضى يقول " بكينا حين اختفى البحر. بكيت لانني نشأت هنا."
وتقلص بحر أرال بنسبة 70 في المئة منذ عام 1960 حين بدأ مخططون سوفييت يسحبون المياه من الانهار التي تغذيه لضخها لمشاريع زراعية بعيدة مما جلب البؤس والجوع على مجتمعات الصيد التقليدية.
وانخفض مستوى سطح البحر فيه بمقدار 16 مترا كما تحمل العواصف الملح والاتربة من صحاريه الجديدة الى أماكن بعيدة جدا تصل الى حد جبال الهيمالايا.
وانقسم البحر أخيرا الى جزئين أساسيين من المياه عام 1990 وهما جزء جنوبي كبير في أوزبكستان وجيب أصغر في قازاخستان.
ويتذكر ضولماجانبيت قائلا "لاحظت في البداية أن البحر بدأ يختفي عام 1967" ومضى يقول "ثم ذات يوم هجرت المياه الميناء... ابناؤنا لا يصدقون أنه كانت هناك مياه هنا في يوم من الايام."
غير أن ثمة بارقة أمل.
فقد ساعد مشروع استمر لمدة سبعة أعوام بقيادة البنك الدولي في ملء الجزء الشمالي الاصغر من بحر ارال بالمياه مرة أخرى من خلال احتجاز المياه وراء سد وهو الامر الذي بث شعورا جديدا بالتفاؤل والتصميم في نفوس السكان المحليين.
وعلق ملصق في وسط ارالسك التي تلالات حبات الملح في شوارعها الطينية كتب عليه "أخبار سعيدة... البحر عائد." وأطلقت أسراب من طيور النورس أصواتا عالية فيما حلقت فوق المنازل وبدا أثر ضئيل للبحر في الاجواء.
وسد كوك ارال البالغ طوله 13 كيلومترا جزء من مشروع أوسع نطاقا تكلفته 86 مليون دولار من المقرر الانتهاء منه هذا العام. ومنذ بنائه عام 2005 زحفت مياه البحر الفيروزية الى مقربة 25 كيلومترا من ميناء ارالسك وهي أقل عن المسافة السابقة التي بلغت 100 كيلومتر.
وقال اقشابات باتيموفا الذي يساعد في انشاء مصنع جديد لتصنيع الاسماك "بعد أن بدأ البحر الصغير يمتليء بدأ الامل يحدونا مجددا... اذا كان هناك بحر فستكون هناك حياة."
ويبحث البنك الدولي اقامة مشروع للمتابعة مع حكومة قازاخستان بتكلفة تقدر بنحو 300 مليون دولار لتحسين فاعلية المياه واستعادة واجهة ارالسك المائية.
ويفتتح مصنعان لتصنيع الاسماك في ارالسك هذا العام كما أن أسطول الصيد الذي تلاشى في التسعينيات يوظف الان 600 شخص. وعلى الرغم من أن الصيد المحلي لا يمثل الا جزءا مما شهدته الحقبة السوفيتية السابقة فانه يتم اصطياد 16 نوعا من الاسماك من بينها أنواع جديدة مثل السمك المفلطح المقاوم للملح بشكل منتظم.
ويقول كيرت كريستنسين وهو دنمركي معني بالدفاع عن البيئة ساعد في استعادة المصايد المحلية منذ أوائل التسعينيات "حين أنظر الى الوراء اليوم لا توجد سوى كلمة واحد تصف بحق كل التغيرات التي حدثت في المنطقة. انها معجزة."
لكن استعادة بحر ارال بكامله سيتطلب جهدا اكبر بكثير.
فالجزء الاكبر منه الواقع في اوزبكستان ما زال يحتضر. وسيكون على اوزبكستان اكبر دولة في وسط اسيا من حيث عدد السكان والتي تعتمد على صادرات القطن اغلاق صناعة المنسوجات المتعطشة للمياه بكاملها حتى تسمح لنهر امو داريا بمعاودة التدفق الى البحر.
وصرح روبرت زوليك رئيس البنك الدولي لرويترز خلال زيارة الى كوك ارال في 19 يونيو حزيران للاشراف على المرحلة الاولى من المشروع على الجانب القازاخي " أخشى أن معظمه قد يفقد."
وبالنسبة لرئيس قازاخستان نور سلطان نزارباييف الذي يتولى رئاسة البلاد منذ عام 1989 فان استعادة أرزاق الناس تعني ضمان الاستقرار في منطقة القازاخ التي طالما استاء سكانها من مواطنيهم الذين يتمتعون بدرجة اكبر من الرخاء في أكبر دولة منتجة للنفط في اسيا الوسطى.
وتتناقض قرى منطقة بحر أرال التي تفتقر الى المياه بشدة بصحاريها المالحة مع مناطق أخرى من البلاد من بينها ناطحات السحاب ومراكز التسوق والمقاهي في العاصمة استانة.
وقال زوليك "الرئيس نزارباييف كانت لديه الرؤية ليدرك أن هذه ليست كارثة بيئية فحسب بل لها جانب مدمر لمنطقة قازاخستان بأسرها."
لكن بعض السكان يشكون من أن الحكومة لا تعير اهتماما كافيا للمشاكل الاجتماعية الاوسع نطاقا في المنطقة حيث يعيش ربع سكانها على الاقل في فقر ويقل متوسط عمر الفرد هناك عن متوسط عمر الفرد من مواطني قازاخستان الاكثر ثراء.
ويمزح اخرون مزاحا مشوبا بالحزن قائلين إن المياه التي تستخدم في المؤتمرات الدولية التي تعقد بشأن بحر ارال تزيد عن كمية المياه اللازمة لاستعادة البحر الذي يظل جزءا مهما من حياة الناس.
وما زالت الاساطير تنتقل من جيل الى جيل ومن بينها أسطورة عن حضارة مفقودة كانت موجودة ذات يوم على البحر الوعر.
وقال نور ضامال موزاموراتوفا وهو موظف بمتحف "في العصور القديمة كان الناس يزرعون الكروم والجوز هنا. كانت هناك حضارة قبل أن نأتي نحن القازاخ الى هنا بزمن طويل... البحر يأتي ويذهب على مدار التاريخ. سيعود ذات يوم. نأمل أن يعود."
</TD></TR>