موعظة الأحد الرابع من القيامة
النص: (يوحنا16:16-24) الحزن والفرح
تعتمد حياتنا بجملتها على محورين أساسيين: الحزن والفرح، قليلُ من هذا وقليلُ من ذاك... ربنا في إنجيل اليوم، يجعل التلاميذ (وكل واحد منا) يتسألون عن معنى هذا القليل؟!.. الذي يرونه تارة، ولا يُشاهدونه تارة أخرى... هذا القليل هو الله نفسه، فنحن رغم كل محاولاتنا لمعرفته، يبقى بالنسبة لنا نارُ لا يُدنَ منها، وعليقة تحترق من دون أن تشتعل.. ولكن السؤال: لماذا كل هذا؟.. لأننا عندما نفهم الله سنصلبه من جديد!..
إننا لسنا بصدد لغز مسيحاني يهدف إلى بلبلة فكر التلاميذ، لأن إيماننا ليس أيمان ألغاز، بل هو حقيقة وحياة. ولكننا نقف في حقيقة الأمر أمام موضوع الحياة الإنسانية بجملتها، موضوع الحزن والفرح، والأهم من ذلك مكانة الله في قلوبنا، في كل مرة نعيش هذه الحالات.
يسوعنا يدعونا لنفهم بأن الإنسان الآخر، هو ليس في حياتنا كمعطف في خزانة الملابس، بل هو كائن يُشاركنا في كل شيء، حتى الأمور الأعمق فيها... فحضور الله في داخلنا، هو حضور الآخر بكل كيانه، حضورُ يجلب فينا الفرح بعد حزن كبير. كمثل المرأة التي تنسى أوجاعها بولادتها لطفل جديد في عالمنا. هكذا نحن ففي كل خطوة جديدة نضعها في بداية عمل خير، سنُرفض من العالم، ونصل لمرحلة الـ (لا ترونني)، وكأن الله قد تخلى عنّا، ولكن مع الإصرار والصبر سنفرح لأننا كسرنا طوقًا كاد يخنقنا، وقدمنا شيئًا جديدة لعالم بات، يقدس الرجعيات، فنعيش الفرح ومرحلة الـ (تشاهدونني).
الأحد الرابع من القيامة يطرح علينا مفهومين ينبغي أن نميز بينهما لنعيش الحياة الجديدة التي أعطيت لنا بالقيامة، إنه ببساطة يُقدم لنا الفصل ما بين التغيير والتبديل.. فالقيامة لم تُبدل شيئًا من شخصية التلاميذ، بل غيّرت فيهم أفكارهم السلبية وجعلتهم حاملي راية المسيح، لأنهم تغيروا لا تبدلوا.
إخوتي، ربنا يدعونا لنعيش حياتنا، قيامتنا الجديدة برفقته على الدوام، رغم كل ما يلمُ بنا من صعاب، أن نتعلم من آلامه التي تكللت بفرحة القيامة الكبرى، أن نتعلم الطاعة في مدرسة الألم، كما فعل هو الذي أطاع حتى الموت، موت الصليب، ولننظر إلى ما يجري من حولنا بعيون القيامة، وننتظر بصمت بشرى المريمات، التي مهما طالت فلابد لها من أن تأتي.
القس
أفرام كليانا دنخا
11/4/2008