حقا قام
قيامة مباركة وعيد فصح مجيد
لماذا تبحثين عن الحي
من بين الأموات
أود في مناسبة عيد القيامة يا أخوتي وأحبائي أن نتأمل سوية، بقيامة ربنا يسوع، من خلال أربع أحداث:
الحدث الأول من هو هذا الرجل المدعو يسوع؟ في عيد السعانين سأل الناس من هو الرجل الذي هزّ شوارع أورشليم واضطربت كل المدينة لقدومه؟ أوَ لا نسأل نحن اليوم أيضاً نفس السؤال؟ نحن الذين نشارك في مباركة هذه الأغصان ونرتل هتاف السعانين: من هو هذا الرجل؟ لنفتكر ولنتخيل ولنرسم صورة للحدث كما في وقته، كما في عصر يسوع، مثلما نقرأ في الإنجيل، ولنعد بالزمن ألفي سنة إلى الوراء: يسوع يقترب من أورشليم المدينة العظيمة؛ كل أعداء يسوع ينتظرون قدومه؛ البعض يريد أن يُنصبه ملكاً أيام احتفالات الفصح؛ يسوع يسأل تلاميذه أن يُحضّروا له جحشا كان قد انتبه إليه؛ يُحضروا التلاميذ الجحش من دون أن يفهموا معنى فعل يسوع كلياً؛ أناساً يفرشون الثياب على الجحش فيركبه يسوع؛ آخرون يفرشون الثياب على الطريق؛ آخرون يقطعون أغصان الأشجار لتحية الملك العظيم؛ وآخرون يصرخون ويحيونه: هوشعنا؛ يسوع يدخل الهيكل لا ليعلن مملكة ويطهر أورشليم من الرومان بل ليطهر هيكل الله ليكون بيت صلاة؛ ويبدأ يسوع بإفهام تلاميذه ومن حوله أي ملك هو. اليوم علينا أن نسأل ذواتنا: مَن هو هذا الرجل بالنسبة لنا؟ نعم هو المعلم العظيم الذي أريد أن أكون له تلميذاً. إنه الصديق الأمين الذي تطمئن نفسي برفقته، المرشد الذي تثق نفسي بإرشاده. أريد أن أكون مخلصاً له ليغفر ويسند ضعفي. نعم هذا ما يجب أن يكون جوابنا: إنه آتٍ إلينا باسم الله، إنه آتٍ ليكون بيننا، إنه رسالة محبة الله لكل واحد منا، إنه بشارة خير للكل. فلنصغي جيداً لما يقوله الرب في سفر زكريا: "أنظر، ملكك آتٍ إليك؛ متواضعاً، راكباً جحشاً".
¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨
الحدث الثاني العشاء الأخير: بالنسبة لنا نحن المسيحيين خميس الفصح هو حدث خاص نتذكره في حياتنا دوماً، خميس الفصح ليلة مقدسة، لأنه عطاء كامل، تضحية كاملة، محبة كاملة، حب عظيم لا نقص فيه. فما معنى هذا اليوم؟ إنه ذكرى لحدث تحرير الله لشعبه من عبودية مصر؛ يوم أخرج الله شعبه إلى أرض الخلاص بقيادة موسى؛ يوم يحتفل به كل من يؤمن بالله، فلا عبودية بعد اليوم؛ يوم يثبتنا في محبة الله الكاملة لنا؛ يوم قدم فيه يسوع ذاته طعاما وشرابا يُغذي حياتنا وعلاقتنا بالله؛ يوم أظهر فيه يسوع أكمل حب ممكن أن يقدمه إنسان لأحبائه؛ يوم يطلب منا يسوع أن نستقبله في حياتنا مثلما يُقدم نفسه هو لنا. اليوم علينا أن نسأل ذواتنا: ما الذي نقدمه للآخرين من حب وتضحية وشهادة ليسوع في حياتينا اليومية؟ كلنا يعرف أن الطعام يجمع الأحباء والمقربين للاحتفال بأحداث هامة. ويسوع أراد في مثل هذا اليوم أن يحتفل بمحبته لتلاميذه وأحبته وهو على الطعام. فلنفعل هذا مع أخوتنا وأصدقائنا وحتى مع الذين نحن متخاصمين معهم، فنجسد بذلك حب المسيح الكبير: "بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي إذا أحببتم بعضكم بعضاً".
¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨
الحدث الثالث موت يسوع على الصليب: كلنا يسأل اليوم متحيراً: يا إله إبراهيم واسحق ويعقوب، يا مَن أخرجت شعبك من مصر بذراعٍ قوية ومُعتنيةٍ، يا مَن سندت عبدك داود وقويته ليملك على شعبك سنين خير وبركة، يا مَن أرسلت أبنك، حبيبك، مختارك ليكون حضوره بيننا شافياً وغافراً ومعتنياً. كيف لك أن تتركه الآن يتعذب من دون أن تخلصه؟ لماذا كل هذا الصمت؟ فيجيب الله: إنني أحبكم، والصليب هو علامة للثمن الذي دفعته جراء هذا الحب. الصليب علامة للثقة العظيمة التي جعلتها فيكم، إنه رمزٌ للحب الذي يخلصكم، مهما كان الثمن. "فما من حب أعظم من هذا من أن يقدم الإنسان نفسه عن أحبائه".
¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨
الحدث الرابع قيامة يسوع: عندما نقول "القيامة" يفهم البعض إنها عودة إلى الحياة، كما لو أن الله أقام يسوع مثلما أعاد يسوع لعازر إلى عالمنا. القيامة لا تعني الرجوع، العودة، بل التقدم إلى الله، التقدم إلى حياة جديدة، إنه يعني الانتقال والتمجيد. فإذا آمنا بذلك يمكننا أن نختبر حضوره بيننا، نراه، نلمسه، نأكله مثلما اختبره تلاميذه.
صلاة: يا يسوع القائم من الموت نعبدك،
معك نبدأ دوماً يوماً جديداً، ووقتاً للنور.
أرسل عونك لترفع عنا حجر الحزن والخوف
والظلمة.
أرسل روحك ليرفع عنا قلوبنا الحجرية
ويعطينا قلباً جديداً، قلباً مملوءً من حبك.
فبالمحبة وحدها نعرف ونؤمن بحضورك.
لتكن يا رب هذه القيامة للحياة والتجدد.
آمين
¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨¨
التهنئة:
أُهدي من صميم قلبي الأخوي وروحي الأبوي بطاقة تهنئة معطرة بأريج الورد والرياحين، إلى اخوتي في الإيمان، بمناسبة فصح ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي بقيامته أعطانا الحياة الجديدة. فلنعلن حقيقة إيماننا للعالم أجمع مثل الرسل ونقول: "إنه قام من بين الأموات وهو حي معنا إلى الأبد".
محبكم الأب سامي الريّس