مرقس 1: 1 – 15
ايونكاليون هي البُشرى السارة، فما هي الأخبار السارة التي أحضرها يسوع؟
كان على الناس، وفي أفضل حالاتهم، حتى مجيء يسوع أن يُُخمنوا أي اله هم يعبدون. ولكن مع مجيء يسوع صار للناس فرصة ليروا الله، فربنا يسوع هو صورة الله الحقيقية. كل الديانات تحكي لنا عن اله طَلاّب يُريد من الإنسان غير مُبالٍ به. أما يسوع فيشهد لنا عن أب مُستعد لأن يُعطي قبل أن نسأله، لا بل يُبادر حتى وان لم نسأله: " أبوكم السماوي يعرف أنكم تحتاجون إلى هذا كلّه ( متى 6: 32). فحان الوقت إذن لنقبل هذه البشرى، إذا ما آمنّا بالإنجيل.
وأن نؤمن بالإنجيل يعني أن نتبع يسوع ونبقى معه. وأن نقبله، وأن نقبل يسوع يعني أن يكون لنا آذان تسمعه، وأرجل تتبع خطاه، وعيون تراه، وأيدٍ تلمسه وفوق كل شيء قلبٌ يُحبه.
إذن الدعوة إلينا الآن لنعيش ملء الحياة بيسوع المسيح من خلال استجابة حياته فعّالة.. فالمسيحية لا تُذكرنا بماضٍ جميل أو تُأملنا بمستقبلٍ واعد، بل تدعونا إلى الآن الحالي ففيه الملء. فيه فرصة العيش إنسانا جديداً بيسوع المسيح.
يتحدانا يسوع اليوم إذ يُعلن، حان الوقت، وجاءت لحظة الحقيقية لمواجهة دواخلنا بصراحة وشفافية. ففينا الملاك والشيطان يعملا معنا، وفينا الخير والشر، وفينا الخبث والطيبة. ويأتي يسوع ليوحّد، ويخلق فينا إنساناً جديداً، عندما يدعونا برقة، توبوا، وغيّروا أفكاركم، ولا تُكملوا الطريق الذي أنتم فيه، فنهايته مسدودة، غيّروه، وتوبوا. ليست التوبة مسألة أن يقول المرء ببساطة" أنا آسف، يا رب!".
أولى خطوات التوبة إذن هي قبول يسوع، والبُشرى السارة، وملكوت الله. وقبوله يعني أن لا يوجد مَن هو خارج منذ الآن فصاعداً. الكل مدعوا للعودة، وللتباعة، ولمواجهة حمل الصليب، ولمُحاربة الشر ولفرحة الانتصار. هذه هي التوبة الحق، والتي تستمر مع الحياة. خروج دائم من حالة الخبث والغش نحو نور الحقيقة، الخروج من العبودية للحرية، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة من دون يأس أو إحباط. فالشيطان والشر والخطيئة سيتركوننا حزانى، وما يُحزننا وما نكرهه ليس هو الخطيئة، بل هو تبعيتها وهذه ليست بتوبة حقيقية.
هذه هي البشرى السارة، الله نفسه يدعوني شخصياً للعودة إليه. لا مكان لتبرير الذات، فكلمة الله ليست كي أدين من خلالها الآخرين، بل لتدعوني. كلمة الله بُشرى سارة أفتخرُ بها وأعلنها فرحاً. فأجعل من يسوع مركز حياتي. أن أدخل معه في علاقة شخصية كصديق يُعتمد عليه.
ما التوبة المطلوبة منّا؟
التوبة عمل ثوري، ولذا فقليلون هم الذين يتوبون. التوبة تصميم جاد في الابتعاد عن حياة تتسم بالأنانية التامة، تقودنا بعيداً عن الله. إن انتقال حياة أنانية كهذه إلى حياة متمركزة حول الله تجعنا ندخل ملكوتاً جديداً جاء يسوع ليدشنه بيننا. تغير وضع كهذا بعد خبرة مؤلمة. إذن، فالتوبة تعني الاهتداء وتبدلاً تاماً في قلب المرء واتجاهه في حياته. إن الاهتداء بيسوع يعني أن نقبل في حياتنا فضائله عن السلام والمغفرة والإخوة والمحبة. فالخلاص مثله في ذلك مثل الاهتداء، ليس مجرد الإقلاع عن الخطيئة، بل الالتفات إلى يسوع، وتبنى نمط حياة جديدة له تدريجياً. نمط حياة الإنجيل الذي يجلب السلام والوفاء، ولكن من خلال إفراغ الذات فقط، كما كان الحال مع يسوع ذاته. طريقته في الحياة كانت مثمرة بشكل غير عادي، ولكن على حساب" تجرد من الذات" محسوس به بعمق. لنكون مثله: البشرى السارة.
فسل يسوع في صلاتك أن يُعطيك موهبة التوبة الصادقة. أن تتأسف لا لتبعيات الخطيئة، بل أن تكره الخطيئة وترفضها.
من كتاب وقفة مع ربنا للاب بشار متي وردة