موسم الأحد الخامس من الصيف
الفكرة الطقسية:
ترتكز روحانية الحياة المسيحية في أساسها، على الخدمة المتواضعة، التي يُقدمها المؤمن المسيحي لإخوته البشر، فإيماننا المسيحي، هو إيمان الخدمة دون مقابل، خدمة لا تهدف لاستغلال الآخر والسيطرة عليه، بل تسعى جاهدة بقوة روحك القدوس لبنائه ونموه دون تمييز.
موعظة الأحد الخامس من موسم الصيف
النص (لو19:16ـ31) الغني ولعازر...
هذا النص الذي ينفرد به لوقا الإنجيلي، يضعنا أمام اختيارين أساسيين في الحياة، كل منها يشكل نمطًا وسلوكًا للحياة خاصين بطبيعة الاختيار الذي نقرره. بيت الغني الممتلئ بكل ما يريده الإنسان من رفاهية وحياة رغيدة وهانئة، وخارج هذا البيت نرى البؤس والألم والعذاب في شخص لعازر، الجالس أمام عتبة هذا المنزل. هذا المشهد الذي يقدمه لنا يسوع اليوم، يصور لنا بطريقة رمزية عظمة الإنسان وبؤسه في آن واحد.
لا يريد يسوع من خلال هذا المثل أن ينتقد الأغنياء، ولا أن يعلي من شأن الفقراء، بل الموضوع الأساسي هو أن يعرف الإنسان أن المال وجد ليخدم الإنسان لا أن يستخدمه. فالغنى والثراء الحقيقي هو من أنا؟... وليس ماذا أو كم أملك؟...
نلاحظ أن الغني مجهول الاسم، والهوية فلا تاريخ له وبالتالي هو غير معروف ، وإن كان معروفا فقد كانت معرفته مؤقتة زالت بموته، في مقابل لعازر الذي يعني أسمه (الله هو عوني)، والذي يمثل تاريخ علاقة الله بالإنسان، من خلال معرفة كلمة الله والعمل بها. فالله يكون عوننا من خلال كلمته المسموعة والمعمول بها من قبل الإنسان.
نحن اليوم مدعوين لمعرفة ماذا يوجد داخل بيوتنا، نفوسنا، قلوبنا. وكيف يمكننا أن ننقله إلى خارج عتبة الباب، نحن مدعوين لأن نزيل هذه العتبة التي تفصلنا عن الآخرين، فالهوة التي في السماء تزول هي الأُخرى بزوال عتبة دارنا. فالإنسان الحقيقي هو ذلك الإنسان الذي يعيش بلا عتبات، عندها يكون إنسانا عظيمًا، لأن الإنسان العظيم هو ذلك الإنسان الذي يجعل الآخرين يشعرون أنهم عظماء. وخدمة الآخرين هي السُلم الذي من خلاله نرتقي إلى الله ونلتقي به.
يبقى أن نقول: ترى أيهما الأثمن، العُقد الذي يحمله العنق، أم العنق الذي يحمل العقد؟!... فلنكون نحن من الذين يحافظون على الأعناق أي الحياة، من خلال الكلمة الطيبة التي نقدمها للآخرين، فالإنسان يعيش على الرغيف يومًا واحدًا، ولكن على الكلمة الطيبة يعيش أيامًا.
ولعازر لا يزال موجودًا أمام عتبات بيوتنا فلننتبه إليه، ولندرك أيضًا أن الفقر والغنى ليس في بيوتنا، بل في قلوبنا... آمين.
الطلبات
لنرفع صلاتنا إلى الرَّب بثقة قائلين: يا رب ارحمنا...
· يا رب، نصلي من أجل أن تكون أعمالنا شبيهة بأعمالك، فساعدنا لنفهم بأن الخدمة الحقيقية، هي التي تُقدّم للآخرين بروح متواضعة على مثالك... نطلب منك.
· نسجد أمام عظمتك يا رب، ملتمسين منك أن تزرع في قلوبنا محبتك الأبدية، وأن نسعى لتجسيدها في حياتنا، لا سيما في عالمنا اليوم، الذي يفتقر لهذه المحبة... نطلب منك.
· يا رب، نضع أمامك حياتنا بجُملتها، فأشرق علينا بنور وجهك البهيّ، وطهر أفكارنا وضمائرنا، فتغدوا خدمتنا للآخرين من حولنا، لأجل إعلان مجدك الأبدي... نطلب منك.
نشكرك يا ربنا وإلهنا، على جميع النِعَم التي أفضتها علينا، قونا وأرشدنا بروحك القدوس، لنعرف كيف نُقدمها للآخرين بمحبة... نطلب منك.
الاب افرام كليانا