أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

أهلا وسهلا بكم

اهلا وسهلا بكم في منتديات أرادن وكل صبنا 

    الندوة الكتابية / احلام فرعون / تفسير وتدبير

    مركريت قلب يسوع
    مركريت قلب يسوع
    VIP
    VIP


    انثى عدد الرسائل : 710
    العمر : 75
    تاريخ التسجيل : 20/02/2008

    الندوة الكتابية / احلام فرعون / تفسير وتدبير Empty الندوة الكتابية / احلام فرعون / تفسير وتدبير

    مُساهمة من طرف مركريت قلب يسوع السبت فبراير 05, 2011 4:20 pm

    الندورة الكتابية
    المطران بشار متي وردة
    الخميس 3 شباط 2011

    سنرافق يوسف وهو ينتقل من سجنِ فرعون إلى قصرِ فرعونَ، من حالةِ ضعفٍ إلى مركز قوّة لها مكانتها، من سجينَ منسي إلى رئيس للوزراء معروف للعالم كلّه، وهذه المرة من خلال أحلامِ فرعون والتي حققت أحلامه الأولى في بيتِ أبيه. لذا يُعد الفصل 41 أحد أهم الفصولِ في قصّة يوسف وما سبقه كان تحضيراً له، فلم يكن حاله في نهاية الفصل 40 أحسن منه في نهاية الفصل 37 فهو منسيٌّ في سجن رئيس الطُهاة، مثلماً كان عبداً معروضاً للبيع والشراء في ختام الفصل 37.
    حلمَ فرعون بحلمين عجزَ سحرة مصرَ وحكمائها عن تفسريها، فإضطرابَ حالهُ حالُ مَن هو في السجن، فللموكِ مشاكلَ وأزماتٍ مثلما لباقي الناس، إن لم يكن الأسوء، لأن أحلام فرعون تسلبهُ الراحة وسلامة البال، هو السيّد والسُلطان المُطلّق، أضحى ضعيفاً لا حولَ له ولا قوّة، معزولاً تماماً عن كلِّ حكمةٍ، وعاجزاً عن المُبادرة باي خطوةٍ.
    تذكّرَّ رئيس السُقاة يوسف، فتمَّ إستدعاه، وأعطى يوسف تفسير أحلام فرعون وتوجيهاً حول إدارة الأزمة المُقبلة على مصر، فحسُنَّ كلامة لدى فرعون، فأوكله أمرَّ تدبير البلاد وإدارة ويُعيّنه رئيس وزراء مصرَّ والرجل الثاني بعده، ويُثبت يوسف جدارة عالية في ذلك. ويبدو من المصادر التاريخية خارج نصوص الكتاب المُقدس أن عبيداً من الشرق القديم قد إكتسبوا مكانة رفيعة في مصرَ القديمة، وأن موضوع المجاعة كان وارداً في مناطقَ مصرَ وبلاد الرافدين (2 صمو 24: 13).

    أحلام فرعون
    مرّت سنتان ويوسُف منسيٌّ في السجن من دون أن يُذكَر، ولكنَّ الله ذَكرَ يوسف في حلمينَ لفرعون من دونِ أن يكون هناك تفسير يشرح معنى الحلمين، وهو ما أقلقَ فرعونَ بسبب فوضوية الحلمين وعدم ترابطهما، إذ يبدو أن مصدر حياة مصرَ وقوّتها: نهرُ النيل، سيكون مصدر موت مصرَ وتلاشيها. والأنكى من ذلك، عجزُ الإمبراطورية كلّها عن التعامل مع هذه الرسائل المُقلقة، فلا سحرة مصرَ ولا حُكمائها قادرون على فك شفرة هذه الرسائل، وبالتالي سُلِبَت راحة فرعون وسلطانه، فلم يعد قادراً على التعامل مع واقعه، ويبدو أن لا مُستقبلَ لمصرَ، فإضطربَ مثلما سيضطرِب هيرودس لسماعه خبرَ وصولِ مجوس المشرق (متى 2: 3).
    أزمة فتحت المجال أمام يوسف ليدخل دائرة الأضواء بعد صمتِ سحرة مصر وحكمائها عن تقديمِ تفسيرٍ مُقنِع حولها. هنا، يصحو رئيس السقاة على خطيئته، وتذكّر أمرَ يوسف الذي نسيهُ تماماً، لأنه كُلِفَ بأمرٍ ولم يكن أميناً في حفظِ الوعد. فتذكّر يوسف والوعد الذي قطعه له بأن يذكر قضيّته أمامَ فرعونَ، على الرغم من أنه لم يذكر قضية يوسف، بل قدّم نفسه وكأنه هو مَن بادرَ ورواى أحلامه ليوسف، في حينَ أن يوسف كان مَا بادرَ وسألهم عن إنزعاجهم (40: 6- 7)، ولربّما إستغل أزمة فرعونَ ليُسجّل معروفاً. على أية حالَ أرسلَ فرعونَ في طلب يوسف، وتمَّ تحضيره وفقَ ما يليقُ بلقاء فرعون، فحلقَ مثلما كان المصريون يُفضلون على عكس الساميين الذين كانوا يُفضلون اللحاة، وهكذا إنتهت مُعاناة يوسف لينتقلَ إلى قصرِ فرعونَ ولن يُغادره بعد ذلك.
    حضرَ يوسف أمام فرعون، الذي عرف بموهبته في تفسير الأحلام من دون أن يُشير إلى مصدر معلوماته هذه عن يوسف، ويوسف بدوره لم يسأل فرعون عن ذلك، ولكنَّ الجانب الأهم في القصّة هو عدم تردد من الإعتراف بأن التفسير هو من الله، مع معرفته بأن فرعون يعتقد نفسه إلهاً متجسداً على الأرض. حضرَ يوُسفَ ليشهدَ لله لا ليُفسِرَ الأحلام، فلم يدعِ يوسف الحكمة والفِهمَ بل هو طالبُ الحكمة التي مصدرها الله، وعليكَ يا فرعون أن تعرفَ أن سحرة مصرَ وحكمائها لن ينفعوكَ في أمرٍ كهذا، لأنهم لا يعرفونَ الله.
    روى فرعونَ أحلامهُ منتظراً التفسير، الذي أكّد يوسف يوسف على أنه من الله الذي أرادَ أن يُبيّنَ لفرعون ما ينوي فعلهُ، وهكذا سيُعيدُ السلامة إلى حياة فرعون المُضطربة بسبب أحلام فوضوية غير المُفسرَةِ. شرعَ فرعون برواية أحلامه مُضيفاً عليها تفاصيلَ درامية تُبرِز بشاعة المنظرِ وتُظِهِر قلقَ فرعونَ، وكأنَّ هجوماً مُحتملاً يلوحُ في الأفقِ على نهرِ النيل، فتضايقَ جداً من ذلك ومن عجزه هو وإمبراطويّتهُ من مواجهة خطر الموت المُحدِق بهم، فهي إمبراطورية ليست لها المُصداقية مع إدعائها بأن لها الحياة المُطلقة وأنها قادرة على كلِّ شيء، واضح من الأحلام ومن إضطراب فرعون أن الأمرَ خطرٌ للغاية.

    تفسيرٌ وتدبير
    شرَح يوسف أحلامَ فرعونَ من دون تردد مُعلنا ما أقرّه الله، من دون الإشارة إلى أن المجاعة عقابٌ إلهي على خطايا أو إنتهاكاتٍ، فلا يوجد أسبابٌ واضحة لمثل هذا الإجراء، كل ما يُريد يوسف أن ينقلهُ لفرعون هو: أن على مصرَ أن تستعدَّ لفعلِ إلهي حاسم، وهذا يتطلّب حكمة وإدارة إقتصادية مُتميّزة، وشخصاً فهيماً حكيماً يُدير مثل هذه التدابير الوقائية. لذا، على فرعون أخذ الإحتياطات اللازمة فتكرار الحلم يعني التأكيد على أن ما أعلنه الله من خلال أحلام فرعون وتفسيرَ يوسف سيحصل لا محالةَ. وقفَ فرعونَ أمام يوسف حزيناً في مواجهة الموت، ووقفَ يوسف أمام فرعون مؤمناً بأن الله، سيّد الحياة، سيتحرّك من أجل رفاهية الإنسان، فيُمكن ليوسف أن يصنع في مصرَ، وهو عبدٌ عبرانيٌّ منسي، ما لا يستطيع فرعونَ مصرَ أن يصنعه وهو إبن الإلهِ على حدِّ إعتقادهم، فيقبل يوسف المُستقبلَ من الله، على عكسِ فرعونَ العاجزِ عن قبولهِ بسبب تعبّده لأناه، فمستقبلُ مصرَ ليس بيده بل في يدِّ الله.
    قدّم يوسف مع تفسيره للحلمِ طلباً إلى رئيس السًقاة بأن يذكره أمام فرعون (40: 14- 15)، أما الآن، وأمام فرعونِ مصرَ وبعد أن فسّرَ له الحلم قدّمَ له نصيحةً وتوجيهاً حول سُبلِ إدارة الأزمة، حتى قبلَ أن يسمعَ من فرعون رأيه حول تفسيرِ الحلم. فوضعَ خطّةً لإدارة الأزمةِ وحماية البلاد من آثارِ المجاعةِ المُدمّرة، وذلك بتخزين خُمسِ المحصول المتوفّر في زمن الخير في مخازنَ تحت سلطة فرعونَ فلا تُسلب أو تنهب في وقت المجاعة.
    الأزمة موضوعِ تساؤول ومشورة وتخطيط وليست مبعثَ قلقٍ وغمٍّ، لأن قرار الله لا يُنهي عملَ الإنسان بل يُؤسسه، وعلى الإنسان أن يبقَ أميناً لمُخطط الله، لأن قصدّ الله بحاجة إلى تعاونِ الإنسان، بحاجة إلى شريك، وموصفات هذا الشريك هو أنه يخافُ الله وفيه روح الله على حدِّ تعبير فرعون ليوسف (38)، وعندما يحلُ روح الله على إنسانٍ، فإنه يهبهُ "الحكمة والفهمَ والمشورة والقوة والمعّرفة والتقوى ويبتهج بمخافةِ الربِّ (إش 11: 2- 3).
    هنا نلحظ واحدة من الإستجابات المسؤولة لتحقيق قول الله لآدام وحواء: "أُنمو وأكثروا وآملاوا الأرضَ، وأخضعوها وتسلّطوا على سمكِ البحرِ وطير السماء وجميعِ الحيوان الذي يدّبُ على الأرضِ: (تك 1: 28)، فالتسلّط على يعني إنتهاكَ الأرض ومواردها، ولا يعني الإستسلام لقانون الأرض وأحكامها، بل مواكبة آزماتها البيئية في محاولة لتفادي خضوعَ الإنسان إلى الأرض.
    امتلك فرعون الحرية الكافية لقبولِ التفسير والإعداد الجيّد لمواجهةِ المجاعةِ فيُنقِذَ مصر ويُسهم في إنقاذ الأرض، وسعى يوسف لإقناعهِ بذلك، وكأني به يقول لنا أن لله علاقة مُباشرة مع فرعون على الرغم من أن فرعون لا يعي هذه العلاقة. فأعطى يوسف كل الإهتمام لله الذي بادرَ في الوحي، فصارَ يوسف وسيط الوحي الإلهي، فإعترفَ فرعون بذلك، وبحضور روحِ الحكمة والفهم لدى يوسف، فأختاره ليُدير هذه الأزمة، ويتولى مسؤولية إتخاذ ما يلزم بشأنها، مفوضاً إياه كافة الصلاحيات اللازمة، فأعطاه أعلى مرتبةٍ قيادية في مصرَ، وسلّمه الخاتم، أي ختمهُ الشخصي وأخضعَ مصرَ كلّها له: "ونادى الحَرَسَ أمامه: "آركعوا"، مثلما فعلَ قائدُ الحصنِ معه عندما جعلَ كلَ السجناء في عُهدةِ يوسف (39: 22)، وزوّجه بنت فوطي فارع كاهن أون، معبدُ الشمس بالقُرب من ممفيسَ، لأن الزواج من الأسر الكهنوتية كان مُقتصراً على الملوكِ وعظماء القومِ
    أما يوسف فبقيَّ صامتاً أمام كل هذه الترفيعات والمراتب، ولن نسمع صوته إلا عندما يُفسّر خبرة حياته الماضية من خلال له أسماء ولديه: منسى أفرايم، أسماء تُبيّن أن الإغراءات المصرية لم تجذب يوسف فسمّى أبناءه بأسماء عبرانية ومُعترفاً في ذات الوقتِ بتدخلِ الله الحاسِم في حياته، فأنساه عبوديته في أرضِ كنعان ومصرَ، وجعلهُ مثمراً هو وأرضُ مصرَ. ويا لها من هبةٍ عظيمةٍ يمنُّ بها الله على الإنسان: النسيان والخصوبة، أن يُمكننا الله من نسيانِ الماضي، وتحرير أنفسنا من خبراتٍ وأزمات مُخيفة، فننظر إلى المُستقبل بعيونٍ طاهرةٍ للتبرّكِ بما يهبهُ الله من عطايا جديدة مع كلِّ يومٍ جديد. يوسف يذكر الماضي ولكنّه يعرف أن هذا الماضي لا معنى له بعد اليوم بسبب عطيّة الحاضر.
    ونلحظ أيضاً أن يوسف نسيَّ رغبته في الحديث عن قضيّته وعن الظلم الذي حلَّ به أمام فرعون، قضيةٌ طلبَ في حينها الوساطة من رئيسِ السُقاة (40: 14- 15). لقد تمكّن يوسف من تجاوز ثلاث عشر سنةً من عبودية وتغرّبٍ مرير، ويُركّز إهتمامهُ على الرسالة الهامّة التي إنكشفَت له وللناس من الله بواسطة أحلام فرعون، وعلى تنفيذ البرنامج الطارئ لمواجهة أزمة المجاعة، فكان ما جمعه من القمحِ يُعادل رملَ البحرِ كثرةً، على مثلما أُعلنَ في البركة الإبراهيمية (22: 17). حكمة يوسف أنقذت أرضَ مصر، بل الأرضَ كلّها لأنها حكمة إستوعَب التاريخَ كلّه فإنطلقت من الحاضر لبناء مُستقبلٍ كاد أن يكون كارثياً على مصرَ، بل على الناس أجمع.

    التدبير الإلهي
    أولى الرسائل التي تُريد القصة أن تُقدمها لنا هو أن الله له طُرقهُ الخاصّة والحُرّة في الحديث إلى الناس، حتى أنه يعمل خارج نطاق الخبرة الدينية ليُعرّف بإرادته، حتى من خلال الإقتصاد والسياسة. رفعَ يوسف من مقامٍ وضيعٍ ليتسنّمَ السلطة في مصرَ، والذي أظهر إستعداداً طيّباً للإصغاء والتفكير الحصيف والقيادة الحكيمة ليفسحَ المجال لعملِ الله لخير الإنسان ورفاهية حياته، كل إنسان وليس الشعبُ المُختار تحديداً. هنا، نحن في موجهة صريحة مع معنى الإختيار، لأن الإختيار يجب أن يؤول دوماً لرفاهية الإنسان أينما كان، لأن على المُختار أن يتمسّك مُلتزماً بواجبات الإختيار لا حقوقه، وأهم الواجبات هو تعلّم الطاعة لله وتمييز إرادته:

    "وأمَّا أنتم الذين تمسكوا بالربِّ إلهكم، فكُلّكُم أحياءٌ اليوم، علمتُكم سُننا وأحكاماً، كما أمرني الرّبُّ إلهي، لتعملوا بها في الأرض التي أنتم ذاهبونَ إليها لتمتلكوها. فآحفظوها وآعملوا بها لأنها تُظهِر حِكمتكُم وفهمكم في عيون الأمم الين إذا سمعوا بها يقولون: "هذا الشعبُ العظيم شعبٌ حكيمٌ فهيمٌ حقّاً" (تث 4: 4- 6).

    ويبدو أيضاً أن الحلم لا يعني قراراً إلهياً محتوماً، بل تعريفٌ بما ينوي الله فعله، وعلى الإنسان الذي يسمعَ ويُصغي أن يُفكّر ويهتدي ويتوب. لا تُعطينا الأحلامُ تفاصيلَ وإجراءاتٍ إحترازية، ولا تُلغي الجهود التي على الإنسان أن يلتزِمَ بها لإحتواء الأزمة والتكيّف معها. على الإنسان أن يُتبصّر في الأمرِ ويُفكّر ويُدبّر ويُخطط ليكون قناةً للبركة الإلهية. الإنسان يبني مُستقبلهُ في مواجهةِ الكوارث البيئية، والمجاعة واحدةٌ منها، من خلال التخطيط الحكيم الذي يحفظ للأرضِ كرامته فلا تكون سببَ هلاكِ الإنسان. الله يُقرر المُستقبل الذي تُشير إليه الأحلام ويتطلّع إلى تعاونِ الإنسان، الذي بدوره على أن يُفهم أن المُستقبلَ لا يعتمد كُلياً على جهوده الشخصية، لاسيما وأن فرعونَ يُؤمن أنه إبنُ الآلهة، وسيدُ الخصوبة متناسياً أن كلَّ شيءٍ هو بيدِ الله، سيد التاريخ كلّه، فعليه، أي فرعون، أن يُصغي إلى يوسف ويُسهِم في تشكيلِ مُستقبلٍ آمنٍ للإرض وساكنيها.

    شخصُ يوسف

    لم يفتخِر يوسف بموهبة تفسير الأحلام، بل ظلَّ أميناً على قولهِ الأول لرئيس السقاة ورئيس الخبّازين: "أما لله كلُّ تفسيرٍ؟ (تك 40: Cool، وعادَ وكرر إعترافه أمام فرعون: "لا أنا، بل الله هو الذي يُجيبُ فرعونَ بما فيه سلامتهُ" (41: 16)، فمن دون الله سيكون التفسير مُستحيلاً، لأن الله هو مُدبّرُ كل شيء، وهو الذي يُعطي ليوسف أن يلعَبَ هذا الدور الهام، فيربط ما بين الشعب المُختار وما بين بقيّة الأمم من أجل حياة الناس وسلامتهم، فلا يقف عند الحلم وتفسريه، بل يربط هذا الكشفَ بواقع الحياة فيُوجّه النُصحَ والإرشاد اللازم.
    أظهرَ صبراً حتى في أصعبِ الساعات، وولاءً أميناً لله، وإكراماً عالياً للعلاقات الإنسانية لاسيما في ساعات التجربة، وشجاعةً مهيبة أمام فرعونَ وحكمةً وفهماً ودراية في التعامل مع مشاكل الناس وآزماتهم، ليكون إنموذجاً لإنسان العهد الذي ينتظره الله الذي يتحّرك في أجواء وأماكن بعيدة عن الخبرة الدينية، ولكنها إنسانية بكل ما تحملهُ من تعقيدٍ وإضطرابات وكوارث.
    أخيراً تعاملَ مع الأزمة التي كُشفَت له في الحلم بحكمة ودراية عالية، فهو لم يستسلم إلى موضوعِ "الحظ والقّدر المحتوم"، ولم يلجأ إلى سحرة مصرَ ليستعلِم القوى الخفية التي وراء هيجان نهر النيل، لأن الساحر يدعيّ بالله وهو قادرٌ على تغيير إرادته وقراراته، بل راح يُقدم لفرعون حلولاً عملية تُسهم في التخفيف من الأزمة،وهذه الحلول لن تكون ممكنة إلا بتعاون جميع سًكّان البلاد.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 10:46 am